والثالث: سأل سائل عذاباً واقعاً، والباء زائدة.
ومن قرأ بلا همز ففيه قولان: أحدهما: أنه من السؤال أيضاً، وإنما لَيَّن الهمزة، يقال: سأل، وسال، وأنشد الفراء:
تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا ... لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ نافع
والثاني: المعنى: سال وادٍ في جهنم بالعذاب للكافرين، وهذا قول زيد بن ثابت، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن. وكان ابن عباس في آخرين يقرءون «سَالَ سَيْلٌ» بفتح السين، وسكون الياء من غير ألف ولا همز. وإذا قلنا: إنه من السؤال، فقوله عزّ وجلّ: «للكافرين» جواب للسؤال، كأنه لما سأل: لمن هذا العذاب؟ قيل: للكافرين. والواقع: الكائن. والمعنى: أنّ العذاب الذي سأله هذا الكافر كائن لا محالة في الآخرة لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ قال الزجاج: المعنى: ذلك العذاب واقع من الله للكافرين.
قوله عزّ وجلّ: ذِي الْمَعارِجِ فيه قولان: أحدهما: أنها السموات، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: هي معارج الملائكة. قال ابن قتيبة: وأصل «المعارج» الدَّرَج، وهي من عَرَجَ: إِذا صَعِدَ. قال الفراء: لما كانت الملائكة تَعْرُج إليه، وصف نفسه بذلك. قال الخطابي: المعارج: الدَّرَج، واحدها:
مَعْرَجٌ، وهو المَصْعَدُ، فهو الذي يُصْعَدُ إِليه بأعمال العباد، وبأرواح المؤمنين. فالمعارج: الطّرائق أي يُصْعَدُ فيها. والثاني: أن المَعَارِجَ: الفَوَاضِلُ والنِّعم، قاله قتادة.
قوله عزّ وجلّ: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ قرأ الكسائي: «يَعْرُج» بالياء. والروحُ وفي «الرّوح» قولان:
أحدهما: أنه جبريل، قاله الأكثرون. والثاني: أنه روُح الميِّت حين تُقْبَضُ، قاله قبيصة بن ذؤيب.
قوله عزّ وجلّ: إِلَيْهِ أي: إلى الله تعالى فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فيه قولان:
أحدهما: أنه يوم القيامة، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة، والقرظي، وهذا هو مقدار يوم القيامة من وقت البعث إِلى أن يفصل بين الخلق.
(١٤٨٧) وفي الحديث: «إنه لَيُخفَّفُ على المؤمِن حتى يكون أَخَفَّ عليه من صلاة مكتوبة» .
وقيل: بل لو ولي حساب الخلق سوى الله عزّ وجلّ لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة، والحقُّ يفرغ منه في ساعة من نهار. وقال عطاء: يفرغ الله من حساب الخلق في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا. فعلى هذا يكون المعنى: ليس له دافع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. وقيل: المعنى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ في يوم كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير.
والثاني: أنه مقدار صعود الملائكة من أسفل الأرض إلى العرش لو صعده غيرهم قطعه في
حسن بشاهده ورد من حديث أبي سعيد. أخرجه أحمد ٣/ ٧٥ وأبو يعلى ١٣٩٠ من طريق الحسن بن موسى عن ابن لهيعة عن دراج به وإسناده ضعيف، ابن لهيعة ودراج ضعيفان. وأخرجه الطبري ٣٤٨٦٧ وابن حبان ٧٣٣٤ من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن درّاج به، وقد توبع ابن لهيعة هاهنا فانحصرت العلة في دراج. وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه ابن حبان ٧٣٣٣ وأبو يعلى ٦٠٢٥ وإسناده على شرط البخاري ومسلم، وهو صحيح إن كان سمعه يحيى بن أبي كثير من أبي سلمة، فهو وإن روى عنه، فإنه كثير الإرسال أيضا، وبكل حال الحديث حسن.