وقرأ ابن مسعود، وابن السّميفع، وابن عبلة «لوَّاحةً» بالنصب.
وفي «البَشَر» قولان: أحدهما: أنه جمع بشرة، وهي جلدة الإنسان الظاهرة، وهذا قول مجاهد، والفراء، والزجاج. والثاني: أنهم الإنس من أهل النار، قاله الأخفش، وابن قتيبة في آخرين.
قوله عزّ وجلّ: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وهم خزنتها.
(١٥٠٢) مالك ومعه ثمانية عشر، أعينهم كالبرق الخاطف، وأنيابهم كالصياصي يخرج لهب النار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، يسع كَفّ أحدهم مثل ربيعة ومضر. قد نزعت منهم الرحمة. فلما نزلت هذه الآية قال أبو جهل: يخوّفكم محمّد بتسعة عشر، ما له من الجنود إلا هؤلاء! أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم يخرجون من النار! فقال أبو الأشد «١» قال مقاتل:
اسمه: أسيد بن كلدة. وقال غيره: كلدة بن خلف الجمحي: يا معشر قريش: أنا أمشي بين أيديكم وأدفع عشرة بمنكبي الأيمن، وتسعة بمنكبي الأيسر، فندخل الجنة، فأنزل الله تعالى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً لا آدميين، فمن يطيقهم ومن يغلبهم؟! وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ في هذه القِلَّة إِلَّا فِتْنَةً أي: ضلالة لِلَّذِينَ كَفَرُوا حتى قالوا ما قالوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أن ما جاء به محمد حق، لأن عِدَّتهم في التوراة تسعة عشر، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا من أهل الكتاب إِيماناً أي: تصديقا بمحمّد صلّى الله عليه وسلم إذ وجدوا ما يخبرهم به موافقاً لما في كتابهم وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ أي: ولا يشك هؤلاء في عدّة الخَزَنَة.
وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه النفاق، ذكره الأكثرون. والثاني: أنه الشك، قاله مقاتل، وزعم أنهم يهود أهل المدينة، وعنده أن هذه الآية مدنية. والثالث: أنه الخلاف، قاله الحسين بن الفضل. وقال: لم يكن بمكة نفاق. وهذه مكية. فأما «الكافرون» فهم مشركو العرب، ماذا أَرادَ اللَّهُ أي: أي شيء أراد الله بِهذا الحديث والخبر مَثَلًا والمثل يكون بمعنى الحديث نفسه ومعنى الكلام: يقولون ما هذا من الحديث كَذلِكَ أي: كما أضلَّ من أنكر عدّة الخَزَنَة، وهدى من صدَّق يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وأُنزل في قول أبي جهل: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ يعني: من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار. وذلك أن لكل واحد من هؤلاء التسعة عشر من الأعوان ما لا يعلمه إلّا الله عزّ وجلّ، وذكر الماوردي في وجه الحكمة في كونهم تسعة عشرة قولاً محتملاً، فقال: التسعة عشر: عدد يجمع أكثر القليل، وأقل الكثير، لأن الآحاد أقل الأعداد، وأكثرها تسعة، وما سوى الآحاد كثير. وأقل الكثير: عشرة، فوقع الاقتصار على عدد يجمع أقل الكثير، وأكثر القليل. ثم رجع إلى ذكر النار فقال عزّ وجلّ: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى أي: ما
لا أصل له بهذا اللفظ. ذكره الزمخشري في «الكشاف» ٤/ ٦٥١ فقال الحافظ: لم أجده. والظاهر أن مصدره مقاتل، حيث ذكره المصنف في أثناء الخبر، أو يكون الكلبي، وكلاهما ممن يضع الحديث.