وقال القرطبي رحمه الله في «الجامع لأحكام القرآن» ١٩/ ١١٥: أي لا يخلفون إذا نذروا. وقال معمر عن قتادة: بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والحج والعمرة، وغيره من الواجبات. والنذر: حقيقته ما أوجبه المكلف على نفسه في شيء يفعله، وإن شئت قلت: النذر: هو إيجاب المكلف على نفسه من الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه. وقد قال الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج: ٢٩]- أي أعمال نسكهم التي ألزموها أنفسهم امتثال أمر الله بإحرامهم الحج. وهذا يقوي قول قتادة. قال ابن العربي رحمه الله في «الأحكام» ٤/ ٣٥٣: النذر مكروه بالجملة، ثبت في الصحيح عن مالك عن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «قال تعالى: لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أكن قدّرته له، إنما يستخرج به من البخيل» - قلت: حديث صحيح. أخرجه أحمد ٢/ ٢٤٢ والحميدي ١١١٢ والطحاوي في «المشكل» ٨٤٢ من طريق سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى. وأخرجه أبو داود ٣٢٨٨ من طريق مالك به ولم يقل: «قال الله تعالى: ... » وأخرجه البخاري ٦٦٩٤ والنسائي ٧/ ١٠٦. من طريق أبي الزناد به، وليس فيه «قال الله تعالى» . وأخرجه البخاري ٦٦٩٤ ومسلم ١٦٤٠ والنسائي ٧/ ١٦- ١٧ والترمذي ١٥٣٨ وابن ماجة ٢١٢٣ وأحمد ٢/ ٣٧٣ و ٤١٢ و ٤٦٣ وابن أبي عاصم في «السنة» ٣١٢ وابن حبان ٤٣٧٦ والحاكم ٤/ ٣٠٤ والبيهقي ١٠/ ٧٧ من طريق عبد الرحمن الأعرج به. ولم يقل: «قال الله تعالى» . قال ابن العربي: وذلك لفقه صحيح، وهو أن الباري سبحانه وعد بالرزق على العمل ومنه مفروض، ومنه مندوب، فإذا عين العبد ليستدر به الرزق، أو يستجلب به الخير، أو يستدفع به الشر لم يصل إليه به، فإن وصل فهو لبخله. والله أعلم. [.....]