قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا أي: أشركوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مثل عمَّار، وبلال، وخبَّاب وغيرهم يَضْحَكُونَ على وجه الإستهزاء بهم وَإِذا مَرُّوا
يعني: المؤمنين بِهِمْ
أي: بالكفار يَتَغامَزُونَ
أي: يشيرون بالجفن والحاجب استهزاءً بهم وَإِذَا انْقَلَبُوا يعني: الكُفار إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ أي: متعجِّبين بما هم فيه يتفكَّهون بذكرهم. وقرأ أبو جعفر، وحفص عن عاصم، وعبد الرزاق عن ابن عامر «فكهين» بغير ألف. وقد شرحنا معنى القراءتين في «يس»«١» قوله: وَإِذا رَأَوْهُمْ أي: رأَوْا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ يقول الله تعالى: وَما أُرْسِلُوا يعني الكفار عَلَيْهِمْ أي: على المؤمنين حافِظِينَ يحفظون أعمالهم عليهم، أي: لم يُوَكَّلوا بحفظ أعمالهم فَالْيَوْمَ يعني: في الآخرة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ إذا رَأَوْهم يعذَّبون في النار. قال أبو صالح: يقال لأهل النار وهم فيها: اخرجوا، وتفتح لهم أبوابها، فإذا أقبلوا يريدون الخروج، غُلِّقت أبوابها دونهم. والمؤمنون عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ إليهم فذلك قوله: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ إليهم عذاب عدوِّهم. قال مقاتل: لكل رجل من أهل الجنة ثلمة ينظرون إلى أعداء الله كيف يعذَّبون، فيحمدون الله على ما أكرمهم به، فهم يكلِّمون أهل النار ويكلمونهم إلى أن تطبق النار على أهلها، فتسد حينئذ الكوى.
قوله تعالى: هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ وقرأ حمزة، والكسائي، وهارون عن أبي عمرو «هل ثوب» بإدغام اللام. أي: هل جوزوا وأُثيبوا على استهزائهم بالمؤمنين في الدنيا؟ وهذا الإستفهام بمعنى التقرير.