فائدة: قال ابن العربي رحمه الله في «الأحكام» ٤/ ٣٨٠: الذكر حقيقته إنما هو في القلب، لأنه محمل النسيان الذي هو ضده، والضدان إنما يتضادان في المحل الواجب، فأوجب الله بهذه الآية النية في الصلاة خصوصا، وإن كان قد اقتضاها عموما قوله تعالى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: ٥] وقوله صلّى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» والصلاة أم الأعمال ورأس العبادات، ومحل النية في الصلاة مع تكبيرة الإحرام، فإن الأفضل في كل نية بفعل أن تكون مع الفعل لا قبله، وإنما رخّص في تقديم نية الصوم لأجل تعذر اقتران النية فيه بأول الفعل عند العجز، لوجوده والناس في غفلة، وبقيت سائر العبادات على الأصل. وتوهم بعض القاصرين عن معرفة الحقّ أن تقديم النية على الصلاة جائز، بناء على ما قال علماؤنا من تجويز تقديم النية على الوضوء في الذي يمشي إلى النهر في الغسل، فإذا نسي واغتسل يجزئه- قال: فكذلك الصلاة. وهذا القائل ممن دخل في قوله تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ [الملك: ٢٢] وقد بيناه، وحققنا أن الصلاة أصل متفق عليه في وجوب النية، والوضوء فرع مختلف فيه، فكيف يقاس المتفق عليه على المختلف فيه، ويحمل الأصل على الفرع؟ وإذا قلنا: إنه الذكر باللسان المخبر عن ذكر القلب المعبر عنه بأنه مشروع في الصلاة مفتتح به في أولها باتفاق من الأئمة، لكنهم اختلفوا في تعينه، فمنهم من قال: إنه كل ذكر، منهم أبو حنيفة، وقال أبو يوسف: يجزئه «الله الكبير» والله أكبر، والله الأكبر. وقال الشافعي: يجزئه الله أكبر والله أكبر. وقال مالك: لا يجزئه إلا قوله: الله أكبر. ونعوّل الآن هنا على أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «صلّوا كما رأيتموني أصلي» وهو إنما كان يكبر ولا يتعرض لكل ذكر، فتعين التكبير بأمره باتباعه في صلاته، فهو المبين لذلك كله. (٢) النجم: ٣٦.