قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.
(١٣٥) روى مسلم في «صحيحه» عن أبيّ بن كعب، أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله أعظم؟» قال: قلت: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، قال: فضرب في صدري! قال: «ليهنك العلم يا أبا المنذر» .
قال أبو عبيدة: القيوم: الذي لا يزول، لاستقامة وصفه بالوجود، حتى لا يجوز عليه التغيير بوجه من الوجوه. وقال الزجاج: القيوم: القائم بتدبير أمر الخلق. وقال الخطابي: القيوم: هو القائم الدائم بلا زوال، وزنه: «فيعول» من القيام، وهو نعت للمبالغة للقيام على الشيء، ويقال: هو القائم على كل شيء بالرعاية، يقال: قمت بالشيء: إذا وليته بالرعاية والمصلحة. وفي «القيوم» ثلاث لغات: القيّوم، وبه قرأ الجمهور، والقيّام، وبه قرأ عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن أبي عبلة، والأعمش.
و «القيّم» ، وبه قرأ أبو رزين، وعلقمة. وذكر ابن الأنباري أنه كذلك في مصحف ابن مسعود، قال:
وأصل القيوم: القيووم. فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن، جعلتا ياء مشددة. وأصل القيام:
القوام، قال الفراء: وأهل الحجاز يصرفون الفعال إلى الفيعال، فيقولون للصواغ: صياغ.
فأما «السِنَة» فهي: النعاس من غير نوم، ومنه: الوسنان. قال ابن الرقاع:
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس فرنَّقت ... في عينه سنة وليس بنائم «١»
قوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، قال بعض العلماء: إنما لم يقل: والأرضين، لأنه قد سبق ذكر الجمع في السماوات، فاستغنى بذلك عن إعادته، ومثله: وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ولم يقل: والأنوار. قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فيه رد على من قال: ما نعبُدُهم إلا لِيُقَرِّبونا إِلى الله زُلْفى. قوله تعالى: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ، ظاهر الكلام يقتضي الإشارة إلى جميع الخلق، وقال مقاتل: المراد بهم الملائكة. وفي المراد ب ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ثلاثة أقوال: أحدها: أن الذي بين أيديهم أمر الآخرة، والذي خلفهم أمر الدنيا، روي عن ابن عباس، وقتادة. والثاني: أن الذي بين أيديهم الدنيا، والذي خلفهم الآخرة، قاله السدي عن أشياخه، ومجاهد، وابن جريج، والحكم بن عتيبة. والثالث: ما بين أيديهم: ما قبل خلقهم، وما خلفهم: ما بعد خلقهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ، قال الليث: يقال لكل من أحرز شيئاً، أو بلغ علمه أقصاه: قد أحاط به. والمراد بالعلم هاهنا المعلوم. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ، أي: احتمل وأطاق. وفي المراد بالكرسي ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كرسي فوق السماء السابعة دون العرش.
صحيح. أخرجه مسلم ٨١٠ وأبو داود ١٤٦٠ وأحمد ٥/ ٥٨. وانظر «تفسير الشوكاني» ٤٠٣ بتخريجنا.