للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: وَأَمَّا السَّائِلَ فيه قولان: أحدهما: سائل البِر، قاله الجمهور. والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإِما أن تردَّه ردَّاً ليناً. ومعنى فَلا تَنْهَرْ لا تنهره، يقال: نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره. والثاني: أنه طالب العلم، قاله يحيى بن آدم في آخرين.

قوله عزّ وجلّ: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ في النعمة ثلاثة أقوال: أحدها: النُبُوَّة. والثاني: القرآن، رويا عن مجاهد. والثالث: أنها عامة في جميع الخيرات، وهذا قول مقاتل.

(١٥٤١) وقد روي عن مجاهد قال: قرأت على ابن عباس. فلما بلغت «والضحى» قال: كبِّر إذا ختمت كل سورة حتى تختم. وقرأت على أُبيِّ بن كعب فأمرني بذلك.

(١٥٤٢) قال علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وَوَدَعَه، اغتمَّ لذلك، فلما نزل «والضحى» كبَّر عند ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتّخذه الناس سنّة.


ضعيف جدا. وله علتان، ابن أبي بزة، وهو أحمد بن محمد بن عبد الله ضعيف منكر الحديث، وشيخه عكرمة مجهول، لم يرو عنه غيره، ولم يوثقه أحد، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٧/ ١١ من غير جرح أو تعديل، حتى ابن حبان لم يدخله في الثقات. أخرجه الحاكم ٣/ ٣٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥١٤ والذهبي في «الميزان» ١/ ١٤٥/ ٥٦٤ والبغوي في «التفسير» ٢٣٦٢ بترقيمنا. كلهم من طريق أحمد البزي به. وقال الذهبي في «الميزان» في البزي: إمام في القراءة ثبت، ثم ذكر له حديثا غير هذا فقال: قال أبو حاتم: هذا حديث باطل. وقال العقيلي: منكر الحديث، وقال أبو حاتم ضعيف الحديث، لا أحدث عنه- وقال ابن أبي حاتم: روى حديثا منكرا. ثم أسند الذهبي هذا الحديث، وقال: هذا حديث غريب، وهو مما أنكر على البزي، قال أبو حاتم: هذا حديث منكر. وقال العقيلي في «الضعفاء» ١/ ١٢٧: منكر الحديث، يوصل الأحاديث.
قلت: وعكرمة بن سليمان مجهول كما تقدم، لم يوثقه أحمد، ولا روى عنه سوى البزي، وهو ضعيف، فيزيد هذا من جهالته. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله ٤/ ٦٢٠: أحمد البزي ضعفه أبو حاتم، لكن ورد عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال: أحسنت، وأصبت السنة حكاه أبو شامة المقدسي، في «شرح الشاطبية» ، وهذا يقتضي صحة هذا الحديث. كذا قال رحمه الله؟!! ولعل هذا لا يصح عن الشافعي، فإن خبرا واهيا، لا يصلح للاحتجاج به، وبخاصة إدخال شيء في الصلاة، ليس منها، والدليل على عدم صحته عن الشافعي، أنه ليس في مذهب الشافعية تكبير في الصلاة عند الانتقال من سورة إلى سورة بعد الضحى، والأشبه أن هذه السنة هي سنة عكرمة بن سليمان ذاك الشيخ المجهول، فحملها عنه البزي، ثم حملها عنه آخرون. ولو ثبت هذا عند الشافعي لرواه في المسند أو السنن أو الأم، بل لو صح هذا لرواه الأئمة الستة وغيرهم لاشتهاره، والصواب أن هذا سنة شيخ مجهول، والله أعلم.
والخلاصة: الإسناد ضعيف، والمتن منكر كما قال أبو حاتم وغيره، وهذا مما ينبغي أن يشتهر لو صح، فلما لم يرو إلا بهذا الطريق علم أنه شبه موضوع.
تقدم أن هذا الحديث صحيح دون ذكر التكبير، انظر الحديث رقم ١٥٣٩ ولا أصل له بهذا اللفظ- قال ابن كثير رحمه الله ٤/ ٦٢١: لم يرو ذلك بإسناد وقد مضى في الذي قبله، الكلام على التكبير مما يغني عن الإعادة هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>