لا يرجون لصلاتهم ثواباً، ولا يخافون على تركها عقابا. فإن كانوا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم صلوا رياءً، وإن لم يكونوا معه لم يصلّوا، فذلك قوله: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ وقال ابن مسعود: والله ما تركوها البتَّة ولو تركوها البتة كانوا كفاراً، ولكن تركوا المحافظة على أوقاتها. وقال ابن عباس: يؤخِّرونها عن وقتها.
ونقل عن أبي العالية أنه قال: هو الذي لا يدري عن كم انصرف، عن شفع، أو عن وتر. وردَّ هذا بعض العلماء فقال: هذا ليس بشيء، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد سها في صلاته «١» ، ولأنه قال عزّ وجلّ: عَنْ صَلاتِهِمْ ولم يقل: في صلاتهم، ولأن ذاك لا يكاد يدخل تحت طوق ابن آدم.
قلت: ولا أظن أبا العالية أراد السهو النادر، وإنما أراد السهو الدائم، وذلك ينبئنا عن التفات القلب عن احترام الصلاة، فيتوجَّه الذمُّ إلى ذلك لا إلى السهو. وفي الْماعُونَ ستة أقوال:
(١٥٧١) أحدها: الإبرة، والماء، والنار، والفأس، وما يكون في البيت من هذا النحو، رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وإلى نحو هذا ذهب ابن مسعود وابن عباس في رواية. وروى عنه أبو صالح أنه قال: الماعون: المعروف كلُّه حتى ذَكَرَ القِدر، والقصعة، والفأس. وقال عكرمة: ليس الويل لمن منع هذا، إنما الويل لمن جمعهنّ، فرأى في صلاته، وسها عنها، ومنع هذا. قال الزجاج: والماعون في الجاهلية: كل ما كان فيه منفعة كالفأس، والقدر، والدلو، والقداحة، ونحو ذلك، وفي الإسلام أيضاً.
والثاني: أنه الزكاة، قاله عليّ، وابن عمر، والحسن، وعكرمة، وقتادة. والثالث: أنه الطاعة، قاله ابن عباس في رواية. والرابع: المال، قاله سعيد بن المسيب، والزهري. والخامس: المعروف، قاله محمد بن كعب. والسادس: الماء، ذكره الفراء عن بعض العرب قال: وأنشدني:
يمج صَبِيرُهُ الماعون صبّا
والصّبير: السّحاب.
ضعيف جدا. أخرجه ابن الديلمي في «زهر الفردوس» ٤/ ١٦٨ من حديث أبي هريرة، وإسناده ضعيف جدا لضعف عمرو بن شبيب، وفي الإسناد مجاهيل. وحسبه أن يكون من كلام أبي هريرة. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٨٢٣ بتخريجنا.