للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دريد، قال: زكريا اسم أعجمي، يقال: زكريُّ، وزكرياء ممدود، وزكريا مقصور. وقال غيره: وزكري بتخفيف الياء، فمن قال: زكرياء بالمد، قال في التثنيه: زكرياوان، وفي الجمع زكرياوون، ومن قال:

زكريا بالقصر، قال في التثنيه زكريان كما نقول: مدنيان، ومن قال: زكري بتخفيف الياء، قال في التثنية: زكريان الياء خفيفة، وفي الجمع: زكرون بطرح الياء.

(الإشارة إلى كفالة زكريا مريم) قال السدي: انطلقت بها أمها في خرقها، وكانوا يقترعون على الذين يؤتون بهم، فقال زكريا وهو نبيهم يومئذ: أنا أحقكم بها، عندي أختها، فأبوا، وخرجوا إلى نهر الأردن، فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها، فجرت الأقلام، وثبت قلم زكريا، فكفلها، قال ابن عباس: كانوا سبعة وعشرين رجلا، فقالوا:

نطرح أقلامنا، فمن صعد قلمه مغالباً للجرية فهو أحق بها، فصعد قلم زكريا، فعلى هذا القول كانت غلبة زكريا بمصاعدة قلمه، وعلى قول السدي بوقوفه في جريان الماء. وقال مقاتل: كان يغلق عليها الباب، ومعه المفتاح، لا يأمن عليه أحداً، وكانت إذا حاضت، أخرجها إلى منزله تكون مع أختها أم يحيى، فاذا طهرت، ردها إلى بيت المقدس. والأكثرون على أنه كفلها منذ كانت طفلة بالقرعة، وقد ذهب قوم إلى أنه كفلها عند طفولتها بغير قرعة، لأجل أن أمها ماتت وكانت خالتها عنده. فلما بلغت، أدخلوها الكنيسة لنذر أمها، وإنما كان الاقتراع بعد ذلك بمدة، لأجل سنة أصابتهم. فقال محمد بن إسحاق: كفلها زكريا إلى أن أصابت الناس سنة، فشكا زكريا إلى بني إسرائيل ضيق يده، فقالوا: ونحن أيضاً كذلك، فجعلوا يتدافعونها حتى اقترعوا، فخرج السهم على جريج النجار، وكان فقيراً، وكان يأتيها باليسير، فينمي، فدخل زكريا، فقال: ما هذا على قدر نفقة جريج، فمن أين هذا؟ قالت: هو من عند الله. والصحيح ما عليه الأكثرون، وأن القوم تشاحوا على كفالتها، لأنها كانت بنت سيدهم وإمامهم عمران، كذلك قال قتادة في آخرين، وأن زكريا ظهر عليهم بالقرعة منذ طفولتها.

فأما المحراب فقال أبو عبيدة: المحراب سيد المجالس، ومقدمها، وأشرفها، وكذلك هو من المسجد. وقال الأصمعي: المحراب هاهنا: الغرفة. وقال الزجاج: المحراب في اللغة: الموضع العالي الشريف. قال الشاعر «١» :

ربَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها ... لَمْ ألقها أو أرتقي سلماً

قوله تعالى: وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً، قال ابن عباس: ثمار الجنة، فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذا قول الجماعة. قوله تعالى: أَنَّى لَكِ هذا أي: من أين؟ قال الربيع بن أنس: كان زكريا إذا خرج أغلق عليها سبعة أبواب «٢» ، فإذا دخل وجد عندها رزقاً. وقال الحسن: لم ترتضع ثدياً قط، وكان يأتيها رزقها من الجنة، فيقول زكريا: أنى لك هذا؟ فتقول: هو من عند الله، فتكلمت وهي صغيرة، وزعم مقاتل أن زكريا استأجر لها ظئراً، وعلى ما ذكرنا عن ابن إسحاق يكون


(١) هو وضّاح اليمن- واسمه عبد الرحمن بن إسماعيل.
(٢) هذا من الإسرائيليات المنكرة، فلماذا هذه الأبواب السبعة؟!!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>