(٢) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ١١/ ٨٨- ٩٠: فإن أفطر فيهما من عذر بنى، وإن أفطر من غير عذر ابتدأ. أجمع أهل العلم على وجوب التتابع في الصيام في الكفّارة، وأجمعوا على أن من صام بعض الشهر، ثم قطعه لغير عذر، وأفطر، أن عليه استئناف الشهرين، وإنما كان ذلك لورود لفظ الكتاب والسنة به، ومعنى التتابع الموالاة بين صيام أيامها، فلا يفطر فيهما. ولم يفتقر التتابع إلى نية كالمتابعة بين الركعات، وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعا، إذا حاضت قبل إتمامه، تقضي إذا طهرت، وتبني، وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس، وفيه تغرير بالصوم، والنفاس كالحيض، في أنه لا يقطع التتابع، في أحد الوجهين، لأنه بمنزلة في أحكامه، ولأن الفطر لا يحصل فيهما بفعلهما، والوجه الثاني: أن النفاس يقطع التتابع، لأنه فطر أمكن التحرز منه، لا يتكرر كل عام، ولا يصح قياسه على الحيض، لأنه أندر منه، ويمكن التحرز عنه. وإن أفطر لمرض مخوّف، لم ينقطع التتابع أيضا. وبه قال مالك، والشافعي في القديم وقال في الجديد: ينقطع التتابع، لأنه أفطر اختيارا، فانقطع التتابع. وإن أفطر في أثناء الشهرين لغير عذر، أو قطع التتابع بصوم نذر، أو قضاء، أو تطوّع لزمه استئناف الشهرين، لأنه أخلّ بالتتابع المشترط، ويقع صومه عمّا نواه.