رجل منهم كان قد أسلم، يقال له: مرداس، وكان على السريّة رجل، يقال له: غالب بن فضالة، فلما رأى مرداس الخيل، كبر، ونزل إِليهم، فسلم عليهم، فقتله أسامة بن زيد، واستاق غنمه، ورجعوا إِلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبروه، فوجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك وجدا شديدا، وأنزلت هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال السدي: كان أسامة أمير السريّة.
(٣٣٩) والرابع: أن رسول الله بعث أبا حدرد الأسلمي، وأبا قتادة، ومحلِّم بن جثامة في سريّة إِلى إِضم «١» ، فلقوا عامر بن الأضبط الأشجعي، فحيّاهم بتحية الإِسلام، فحمل عليه محلم بن جثامة، فقتله، وسلبه بعيراً وسقاء. فلما قدموا على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أخبروه، فقال: أقتلته بعد ما قال آمنت؟! ونزلت هذه الآية. رواه ابن أبي حدرد، عن أبيه.
فَتَبَيَّنُوا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: فَتَبَيَّنُوا بالنون من التبيين للأمر قبل الإِقدام عليه. وقرأ حمزة والكسائي وخلف «فتثبّتوا» بالثاء من الثبات وترك الاستعجال، وكذلك قرءوا في «الحجرات» .
قوله تعالى: لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو بكر، وحفص، عن عاصم، والكسائي:«السلام» بالألف مع فتح السين. قال الزجاج: يجوز أن يكون بمعنى التسليم، ويجوز أن يكون بمعنى الاستسلام. وقرأ نافع. وابن عامر، وحمزة، وخلف، وجبَلة عن المفضل عن عاصم:«السلم» بفتح السين واللام من غير ألف وهو من الاستسلام. وقرأ أبان بن يزيد عن عاصم بكسر السّين وإِسكان اللام من غير ألف. و «السلم» : الصُلح. وقرأ الجمهور: لست مؤمناً، بكسر الميم، وقرأ علي، وابن عباس، وعكرمة، وأبو العالية، ويحيى بن يعمر وأبو جعفر: بفتح الميم من الأمان.
قوله تعالى: تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا و «عرضها» : ما فيها من مال، قلَّ أو كثر. قال المفسّرون: والمراد به: ما غنموه من الرجل الذي قتلوه.
قوله تعالى: فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ فيه قولان: أحدهما: أنه ثواب الجنة، قاله مقاتل.
والثاني: أنها أبواب الرّزق في الدنيا، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: كذلك كنتم تأمنون من قومكم المؤمنين بهذه الكلمة، فلا تُخيفوا من قالها، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني:
حسن، أخرجه أحمد ٦/ ١١ والطبري ٥/ ١٤٠ والبيهقي في «الدلائل» ٤/ ٣٠٥ والواحدي ٣٤٩ من حديث أبي حدرد عن أبيه، وإسناده حسن. وانظر «تفسير الشوكاني» ٦٩٢ بتخريجنا.