للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: مِن أوسط أجناس الطعام، قاله ابن عمر، والأسود، وعَبيدة، والحسن، وابن سيرين.

وروي عن ابن عباس قال: كان أهل المدينة يقرون للحُرِّ مِن القوت أكثر ما للمملوك، وللكبير أكثر ما للصغير، فنزلت مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ليس بأفضله ولا بأخسِّه.

وفي كسوتهم خمسة أقوال: أحدها: أنها ثوبٌ واحدٌ، قاله ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، وعطاء، والشافعي. والثاني: ثوبان، قاله أبو موسى الأشعري، وابن المسيّب، والحسن، وابن سيرين، والضحاك. والثالث: إِزار ورداء وقميص، قاله ابن عمر. والرابع: ثوب جامع كالملحفة، قاله إِبراهيم النخعي. والخامس: كسوة تجزئ فيها الصلاة، قاله مالك. ومذهب أصحابنا: أنه إِن كسا الرجل، كساه ثوباً، والمرأة ثوبين، درعاً وخماراً، وهو أدنى ما تُجزئ فيه الصلاة.

وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو الجوزاء ويحيى بن يعمر: «أو كُسوتهم» بضم الكاف. وقد قرأ سعيد بن جبير وأبو العالية وأبو نهيك ومعاذ القارئ: «أو كاسوتهم» بهمزة مكسورة مفتوحة الكاف مكسورة التاء والهاء. وقرأ ابن السميفع وأبو عمران الجوني مثله، إِلا إنهما فتحا الهمزة. قال المصنف:

ولا أرى هذه القراءة جائزة لأنها تسقط أصلاً من أصول الكفارة.

قوله تعالى: أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ تحريرها: عتقها، والمراد بالرقبة: جملة الشخص. واتفقوا على اشتراط إِيمان الرقبة في كفارة القتل لموضع النص. واختلفوا في إِيمان الرقبة المذكورة في هذه الكفارة على قولين: أحدهما: أنه شرط، وبه قال الشافعي، لأن الله تعالى قيد بذكر الإِيمان في كفارة القتل، فوجب حمل المطلق على المقيّد. والثاني: ليس بشرط، وبه قال أبو حنيفة، وعن أحمد رضي الله عنه في إِيمان الرقبة المعتقة في كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة الجماع، والمنذورة، روايتان. قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ اختلفوا فيما إِذا لم يجده، صام، على خمسة أقوال: أحدها: أنه إِذا لم يجد درهمين صام، قاله الحسن. والثاني: ثلاثة دراهم، قاله سعيد بن جبير. والثالث: إِذا لم يجد إِلا قَدْرَ ما يكفِّر به، صام، قاله قتادة. والرابع: مائتي درهم، قاله أبو حنيفة. والخامس: إِذا لم يكن له إِلا قدر قوته وقوت عائلته يومه وليلته «١» ، قاله أحمد، والشافعي. وفي تتابع الثّلاثة أيام «٢» ، قولان: أحدهما: أنه


(١) قال الإمام الموفق في «المغني» ١٣/ ٥٣٣: ويكفّر بالصوم من لم يفضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته، مقدار ما يكفر به وجملة ذلك أن كفارة اليمين تجمع تخييرا وترتيبا، فيتخير بين الخصال الثلاث، ويعتبر أن لا يجد فاضلا عن قوته وقوت عياله يومه وليلته قدرا يكفّر به، وهذا قول إسحاق، وأبو عبيد وقال الشافعي من جاز له الأخذ من الزكاة لحاجته وفقره، أجزأه الصيام، لأنه فقير. وقال سعيد بن جبير، إذا لم يملك إلا ثلاثة دراهم، كفّر بها. وقال الحسن: درهمين. وهذان القولان نحو قولنا، ووجه ذلك أن الله اشترط للصيام، أن لا يجد. فاعتبر فيه الفاضل عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، كصدقة الفطر.
(٢) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ١٣/ ٥٢٨: ظاهر المذهب اشتراط التتابع في الصوم كذلك قال النخعي، والثوري، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال عطاء ومجاهد، وعكرمة.
وعن أحمد رواية أخرى، أنه يجوز تفريقها. وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه لأن الأمر بالصوم مطلق، فلا يجوز تقييده إلا بدليل. وفي قراءة ابن مسعود: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» كذلك ذكره أحمد: إن كان قرآنا فهو حجة، وإن لم يكن قرآنا، فهو رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأيضا هو حجة فوجب التتابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>