تألَّفهم بالعطية ليؤمنوا، كصفوان بن أُمية. وقد ذكرت عدد المؤلفة في كتاب «التلقيح» . وحكمهم باقٍ عند أحمد في رواية، وقال أبو حنيفة، والشافعي: حكمهم منسوخ. قال الزهري: لا أعلم شيئا نسخَ حكم المؤلَّفة قلوبهم.
قوله تعالى: وَفِي الرِّقابِ قد ذكرناه في سورة (البقرة)«١» .
قوله تعالى: وَالْغارِمِينَ وهم الذين لزمهم الدَّين ولا يجدون القضاء. قال قتادة: هم ناس عليهم دَيْنٌ من غير فساد ولا إِسراف ولا تبذير، وإنما قال هذا، لأنه لا يؤمَن في حق المفسد إذا قُضِيَ دَيْنُه أن يعود إلى الاستدانة لذلك ولا خلاف في جواز قضاء دينه ودفع الزكاة إليه، ولكن قتادة قاله على وجه الكراهية.
قوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني: الغزاة والمرابطين. ويجوز عندنا أن يعطى الأغنياء منهم والفقراء، وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يعطى إلا الفقير منهم. وهل يجوز أن يصرف من الزكاة إلى الحج، أم لا؟ فيه عن أحمد روايتان.
قوله تعالى: وَابْنِ السَّبِيلِ هو المسافر المنقطع به، وإن كان له مال في بلده قاله مجاهد، وقتادة، وأبو حنيفة، وأحمد. فأما إذا أراد أن ينشئ سفراً، فهل يجوز أن يعطى؟ قال الشافعي: يجوز، وعن أحمد نحوه وقد ذكرنا في سورة (البقرة) فيه أقوالاً فيه أقوالاً عن المفسرين.
قوله تعالى: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ يعني أن الله افترض هذا.
(فصل:) وحدُّ الغنى الذي يمنع أخذ الزكاة عند أصحابنا بأحد شيئين: أن يكون مالكاً لخمسين درهماً، أو عِدلها من الذهب، سواء كان ذلك يقوم بكفايته أو لا يقوم، والثاني: أن يكون له كفاية، إمّا بصنعة، أو أجرة عقار، أو عروض للتجارة يقوم ربحها بكفايته. وقال أبو حنيفة: الاعتبار في ذلك أن يكون مالكاً لنصاب تجب عليه فيه الزكاة. فأما ذوو القربى الذين تحرم عليهم الصدقة، فهم بنو هاشم، وبنو المطلب. وقال أبو حنيفة: تحرم على ولد هاشم، ولا تحرم على ولد المطلب. ويجوز أن يعمل على الصدقة من بني هاشم وبني المطلب ويأخذ عمالته منها، خلافاً لأبي حنيفة. فأما موالي بني هاشم وبني المطلب، فتحرم عليهم الصدقة، خلافاً لمالك. ولا يجوز أن يعطيَ صدقته مَنْ تلزمه نفقتُه وبه قال مالك، والثوري. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يعطي والداً وإن علا، ولا ولداً وإن سفل، ولا زوجه، ويعطي مَنْ عَداهم. فأما الذميُّ فالأكثرون على أنه لا يجوز إعطاؤه. وقال عبيد الله بن الحسن: إذا لم يجد مسلماً، أعطي الذمي. ولا يجب استيعاب الأصناف ولا اعتبار عدد من كل صنف وهو قول أبي حنيفة، ومالك وقال الشافعي: يجب الاستيعاب من كل صنف ثلاثة.
فأما إذا أراد نقل الصدقة من بلد المال إلى موضع تُقصر فيه الصلاة، فلا يجوز له ذلك، فان نقلها لم يُجزئه وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: يكره نقلها، وتجزئه. قال أحمد: ولا يعطي الفقير أكثر من خمسين درهماً. وقال أبو حنيفة: أكره أن يعطي رجل واحد من الزكاة مائتي درهم، وإن أعطيته أجزأك. فأما الشافعي، فاعتبر ما يدفع الحاجةَ من غير حدّ. فان أعطى من يظنّه فقيرا، فبان أنه