للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاختاروا هاروت وماروت. وهذا مروي عن ابن مسعود، وابن عباس. واختلف العلماء: ماذا فعلا من المعصية على ثلاثة أقوال: أحدها: أنهما زنيا، وقتلا، وشربا الخمرة، قاله ابن عباس. والثاني: أنهما جارا في الحكم، قاله عبيد الله بن عتبة. والثالث: أنهما هما بالمعصية فقط. ونقل عن عليّ عليه السلام أن الزهرة كانت امرأة جميلة وأنها خاصمت إلى الملكين هارون وماروت، فراودها كل واحد منهما على نفسها، ولم يُعلم صاحبه، وكانا يصعدان السماء آخر النهار، فقالت لهما: بم تهبطان وتصعدان؟ قالا:

باسم الله الأعظم، فقالت: ما أنا بمواتيتكما إلى ما تريدان حتى تعلمانيه، فعلماها إياه، فطارت إلى السماء، فمسخها الله كوكباً «١» .

(٢٨) وفي الحديث أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «لعن الزهرة، وقال: إنها فتنت ملَكين» ، إلا أن هذه الأشياء


لا أصل له في المرفوع، وإنما هو من الإسرائيليات. ورد مرفوعا وموقوفا ومقطوعا.
- والمرفوع ورد من حديث ابن عمر: أخرجه الطبري ١٦٩١ وابن الجوزي في «الموضوعات» ١/ ٨٦ والذهبي في «الميزان» ٣٥٦٧ من طريق سنيد بن داود عن فرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وهذا إسناد ساقط قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، وأما سنيد، فقد ضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة اه. وقد استغربه ابن كثير في «تفسيره» ١/ ١٤٣ جدا.
- وورد من وجه آخر أخرجه أحمد ٢/ ١٣٤ والبزار ٢٩٣٨ «كشف» وابن حبان ٦١٨٦ والبيهقي ١/ ٤- ٥ كلهم من طريق يحيى بن أبي بكير عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بنحوه وأتم، وهذا إسناد ساقط، زهير بن محمد مختلف فيه، وقد ضعفه غير واحد، واتفقوا على أنه روى مناكير، والظاهر أن هذا منها، فقد خالفه موسى بن عقبة، وهو أوثق منه وأحفظ، فجعله عن ابن عمر عن كعب الأحبار. كذا أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٩٧ وعنه الطبري ١٦٨٧ كلاهما عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار، وهذا إسناد كالشمس، لا غبار عليه البتة..
وكرره الطبري ١٦٨٨ عن عبد العزيز بن مختار عن موسى به، وقد قدح في رفع الحديث البزار والبيهقي وغيرهما. قال البزار عقب الحديث: رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر موقوفا، وإنما أتى رفع هذا عندي من زهير لأنه لم يكن بالحافظ. وكذا ذكر البيهقي، وهو الذي اختاره ابن كثير في «تفسيره» ١/ ١٤٣ والعجب أن البيهقي أخرجه في «الشعب» ١٦٣، عن موسى بن جبير عن موسى بن عقبة به مرفوعا، لكن فيه محمد بن يونس الكديمي، وهو متروك كذاب، والحمل عليه في هذا الحديث. ثم كرره البيهقي ١٦٤ عن ابن عمر عن كعب الأحبار، وصوّبه.
- وورد حديث ابن عمر من وجه آخر أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» ١/ ١٤٣ وإسناده ساقط فيه موسى بن سرجس، وهو مجهول، وفيه هشام بن علي بن هشام، وثقه ابن حبان وحده على قاعدته في توثيق المجاهيل، وسعيد بن سلمة، وإن روى له مسلم فقد ضعفه النسائي، وجهله ابن معين.
- ولحديث ابن عمر شاهد من حديث علي أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» ١/ ١٨٥- ١٨٦ وقال:
موضوع والمتهم به مغيث قال الأزدي: خبيث كذاب. وبهذا الإسناد أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» ١/ ١٤٣. وكرره ابن مردويه من وجه آخر، وفيه جابر الجعفي، وهو متروك، وقد كذبه أبو حنيفة رحمه الله. قال الحافظ ابن كثير: لا يصح، وهو منكر جدا.
- وقد جاء موقوفا ومقطوعا، فقد أخرجه الطبري ١٦٨٤ عن ابن عباس، وفيه أبو شعبة العدوي، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>