- وقد رأيت العجب في هذا الخبر. حيث سكت عليه أبو داود! مع أنه معلوم أنه ما سكت عليه، فهو صالح لديه. وضعفه الترمذي بقوله: غريب. وضعفه النووي في «المجموع» ٢/ ٩٩ وكذا الحافظ في «التلخيص» ١/ ١١٢. وقال الحافظ في «فتح الباري» ٧/ ٢٤٥/ ٢٩٠٨: وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزلت..» وهذا من العجب، وجل الله ربنا إذ يقول وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً. وقال الحافظ ابن كثير ٢/ ٤٨٠: يونس بن الحارث ضعيف. - قلت: إسناده ضعيف جدا، وله علل ثلاث: - الأولى: معاوية بن هشام القصار، فهو وإن روى له مسلم، ووثقه أبو داود وابن حبان، وقال أبو حاتم: صدوق. فقد قال ابن معين: صالح، وليس بذاك. وقال عثمان بن أبي شيبة: رجل صدوق، وليس بحجة. وقال أحمد بن حنبل: هو كثير الخطأ. وقال ابن الجوزي في الضعفاء: روى ما ليس من سماعه، فتركوه، واعترضه الذهبي بأنه ما تركه أحد. ثم ذكر الذهبي كلام ابن معين المتقدم، وذكر له حديثا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث إليهما شعيب. فقال الذهبي: هذا خطأ، صوابه ما رواه عمرو بن الحارث عن سعيد عن قتادة: الأيكة: الشجر الملتف. انظر «الميزان» ٤/ ١٣٨ و «التهذيب» ١٠/ ١٩٦- ١٩٧. قلت: وقول الذهبي: ما تركه أحد. فيه نظر. إذ تركه البخاري وغير واحد من الأئمة الثقات. والذي لم يتركه أحد كمالك والثوري وشعبة وأضرابهم، رضي الله عنهم. هذا شيء. والشيء الثاني: قد أقر الذهبي بأن هشاما هذا وهم في أثر قتادة حيث جعله مرفوعا وبلفظ آخر. وهذا يوافق ما قاله الإمام أحمد: هو كثير الخطأ. فيكون هذا الحديث مما أخطأ فيه فرفعه، وإنما هو من كلام أبي هريرة لا يتعداه البتة. ولم يتنبه الألباني لهذه العلة في «الإرواء» ١/ ٨٥ حيث ذكر العلة الثانية والثالثة اللّتين سأذكرهما، والله الموفق. - العلة الثانية: يونس بن الحارث، جزم الحافظ في «التقريب» بضعفه ولم يتابع على هذا اللفظ، وتقدم أن الحافظ صححه في «الفتح» . بل ذكر الذهبي في «الميزان» ٤/ ٤٧٦ حديثا آخر غير هذا، وقال: ومن مناكيره. ثم نقل عن ابن المديني وقد سئل عن يونس هذا- قوله: كنا نضعف ذاك ضعفا شديدا. - وهذا الذي يليق به في هذا الخبر. والله أعلم. - العلة الثالثة: جهالة إبراهيم بن أبي ميمونة. جزم بذلك الحافظ في «التقريب» . - فهذه علل ثلاث تقدح في هذا الحديث، وإذا انضم إلى ذلك نكارة المتن، وذلك بجعل «نزلت هذه الآية....» من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في جميع كتب التخريج المتقدمة، علم أنه لا أصل له في المرفوع، وإنما هو موقوف فحسب لا يتعداه، والله أعلم. - تنبيه: وقد وهم الألباني في هذا الحديث، حيث ذكره في «صحيح أبي داود» ٣٤ وقال: صحيح. وكذا