وليس بعيدا أن يكون الفعل ابتأس بهذه الدلالة، إذا كان البأس هو الشدة والعذاب والحرب، والبأساء كالبؤس أيضا.
٢٩- وقال تعالى: قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ [الآية ٧٢] .
قالوا: الصّواع هو السّقاية التي وردت في الآية التي قبلها في قوله تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ. والسّقاية، هي المشربة التي كان يشرب منها الملك، ثم جعل صاعا في السنين الشّداد القحاط، يكال به الطعام.
وقرأ أبو هريرة: نفقد صاع الملك.
وقرأ يحيى بن يعمر: صوغ الملك.
وقرأ سعيد بن جبير: صواغ الملك.
أقول: والقراءة بالعين مرة وبالغين أخرى، دليل تعاقب الصوتين في طائفة من كلمات العربية، مسايرة للّغات الخاصة، وهو ما ندعوه ب «اللهجات» في عصرنا، وسيأتي من هذا الباب قراءات في آيات أخرى سنشير إليها.