ويوفوا الكيل والميزان، ولا يبخسوا الناس أشياءهم، ولا يفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ثم ذكر أن بعضهم استكبر، وأراد أن يخرج شعيبا هو ومن آمن به من قريتهم، وأنه سبحانه أخذهم بالرجفة فأهلكهم وكانوا هم الخاسرين فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣) .
ثم عقّب على هذه القصص، ببيان أنّ هذا شأنه في كلّ قرية أرسل فيها نبيّا، فلا يأخذها بعذاب الاستئصال دفعة واحدة، بل يأخذها أوّلا بالشدائد والأمراض، ثم يزيل عنهم ذلك، ويأتيهم بالخصب والرخاء، فلا يؤثّر فيهم شيء من ذلك وينسبون ما أصابهم منه إلى عادة الزمان، فيأخذهم بغتة وهم لا يشعرون ولو أنهم آمنوا، لفتح عليهم بركات السماء والأرض بالمطر والنبات.
ثمّ وبّخ أهل القرى الحاضرة على أمنهم أن يصيبهم ما أصاب تلك القرى من بأسه بياتا وهم نائمون، أو ضحًى وهم يلعبون وعلى أمنهم مكره بهم، فلا يأمنه إلا القوم الخاسرون وعلى أنه لم يتبيّن لهم بعد أن ورثوا أرضهم وقصّ عليهم أخبارهم، أنه لو يشاء أصابهم كما أصابهم، ولكنّه طبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ثمّ ذكر أنه قصّ عليه من أنباء تلك القرى، وأنّهم كانوا سواء في أنهم يكذبون بعد نزول المعجزات كما كذبوا من قبلها، وينسون عهدهم أن يؤمنوا بعد نزولها وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢) .
قصة موسى وفرعون وبني إسرائيل الآيات [١٠٣- ١٧٤]
ثم قال تعالى: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) فذكر أنه بعث موسى إلى فرعون وقومه بآياته، وأنّهم كذّبوا بها فأهلكهم ثمّ فصّل ذلك، فذكر أن موسى أخبر فرعون بأنه رسوله إليه، وطلب منه أن يرسل معه بني إسرائيل إلى الأرض التي وعدوا بها وأنّ فرعون طلب منه آية تدل على صدقه، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين، فلما رأى قومه ذلك زعموا أنه سحر، وطلبوا منه