منه آيات مستثناة، إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل» .
[القصص في سورة الكهف]
القصص هو العنصر الغالب في هذه السورة، ففي أولها تجيء قصة أصحاب الكهف، وبعدها قصة أصحاب الجنّتين، ثم إشارة إلى قصة آدم وإبليس. وفي وسطها تجيء قصّة موسى مع العبد الصالح. وفي نهايتها قصة ذي القرنين. ويستغرق هذا القصص معظم آيات السورة فهو وارد في إحدى وسبعين آية من عشر ومائة آية، ومعظم ما يتبقّى من آيات السورة هو تعليق على القصص أو تعقيب عليه.
ويلتقي هذا القصص حول فكرة أساسية للقرآن، وهي إثبات أن البعث حق، وأن المؤمن يكافأ بحسن الجزاء، وأن الكافر يلقى جزاء عنته وكفره في الدنيا أو الاخرة.
[قصة أصحاب الكهف]
في قصة أصحاب الكهف يتجلّى صدق الإيمان، وقوة العقيدة، والإعراض عن كل ما ينافيها إعراضا عمليّا صارما، لا تردّد فيه ولا مواربة:
فتية رأوا قومهم في الضّلال يعمهون، وفي ظلمات الشرك يخبطون، لا حجّة لهم ولا سلطان على ما يزعمون، أحسوا في أنفسهم غيرة على الحق لم يستطيعوا معها أن يظلوا في هذه البيئة الضالة بأجسامهم، ولو خالفوها بقلوبهم، فتركوا أوطانهم وتركوا مصالحهم واعتزلوا قومهم وأهليهم، وخرجوا فارّين مجتنبين الشطط وأهل الشطط، وآثروا كهفا يأوون إليه في فجوة منه، لا يراهم فيه أحد، ولا يؤنسهم في وحشتهم إلّا كلبهم.
ذلك هو مغزى القصة الخلقي، وفيه ما فيه من إرشاد وإيحاء، وتمجيد لأخلاق الشرف والرجولة والثبات على العقيدة والتضحية في سبيلها.
أما المعنى العام الذي تتلاقى فيه القصة مع غرض السورة، فهو إثبات قدرة الله على مخالفة السنن التي ألفها الناس، وظنوا أنها مستعصية عليه جل شأنه، أن تبدّل أو تحوّل كما هي مستعصية على كلّ مخلوق وشتّان ما بين قدرة الخالق والمخلوقين، وهذا ما