إن قيل: لم قال تعالى: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الآية ٣] ولم يقل قلناه أو أنزلناه، والقرآن ليس بمجعول، لأنّ الجعل هو الخلق، ومنه قوله تعالى:
قلنا: الجعل أيضا يأتي بمعنى القول، ومنه قوله تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ [النحل/ ٥٧] وقوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً [إبراهيم/ ٣٠] أي قالوا ووصفوا، لا أنهم خلقوا كذلك هنا.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا [الآية ٤٥] والنبي (ص) ما لقيهم حتّى يسألهم؟
قلنا: فيه إضمار تقديره: واسأل أتباع من، أو أمّة من أرسلنا من قبلك.
الثاني: أنه مجاز عن النظر في أديانهم، والبحث عن مللهم، هل فيها ذلك.
الثالث: أن النبي (ص) حشر له الأنبياء عليهم السلام ليلة المعراج، فلقيهم، وأمّهم في مسجد بيت المقدس، فلمّا فرغ من الصلاة نزلت عليه هذه الآية، والأنبياء حاضرون، فقال لا أسال قد كفيت، وقيل إنه خطاب له، والمراد به أمّته.
فإن قيل: لم قال الله تعالى: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [الآية ٤٨] يعني الآيات التسع
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.