للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الدخان» «١»

في قوله سبحانه: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) استعارة، وقد مضى الكلام على مثلها في بني إسرائيل. والمراد، والله أعلم، تبيين كل أمر حكيم في هذه الليلة، حتى يصير كفرق الصبح في بيانه، أو مفرق الطريق في اتضاحه. ومنه قولهم: فرقت الشّعر.

إذا خلّصت بعضه من بعض، وبيّنت مخطّ وسطه بالمدرى «٢» أو بالإصبع.

وفي قوله سبحانه: وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) استعارة. والمراد بالعلوّ هاهنا:

الاستكبار على الله سبحانه، وعلى أوليائه.

ويوصف المستكبر في كلامهم بأن يقال: قد شمخ بأنفه. وهذه الصفة مثل وصفه بالعلوّ. لأنّ الشامخ: العالي.

وقال سبحانه: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ [القصص/ ٤] أي تجبّر فيها، واستكبر على أهلها. وليس يراد بذلك العلوّ الذي هو الصعود. وإنما يراد به العلوّ الذي هو الاستكبار والعتوّ. وضدّ وصفهم المستكبر بالعلوّ والتطاول، وصفهم المتواضع بالخشوع والتضاؤل.

وفي قوله سبحانه: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) .

استعارة. وقد قيل في معناها أقوال:

أحدها أن البكاء هاهنا بمعنى الحزن، فكأنه تعالى قال: فلم تحزن عليهم السماء والأرض بعد هلاكهم، وانقطاع


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢) . المدرى: المشط الذي يدرى به الرأس، ويمشط.