والآخرة، وضرب مثلا لحبوط أعمالهم في الآخرة، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) .
ترهيب المشركين وترغيبهم الآيات [١٩- ٥٢]
ثم قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) فذكر في ترهيبهم أنه خلق السماوات والأرض بالحق، فهو قادر على أن يهلكهم كما أهلك أولئك الأقوام ويأتي بخلق غيرهم يؤمنون به، ثم ذكر ما يكون من إعادتهم بعد هلاكهم وبروزهم له، وما يكون من سؤال الضعفاء للمستكبرين أن يغنوا عنهم شيئا من عذابه، وما يجيب المستكبرون من أنه لا مفرّ منه جزعوا أو صبروا، وما يكون من تبرّؤ الشيطان منهم وإيقاعه اللوم عليهم لسماعهم لإغوائه وإعراضهم عن نصح الله لهم، ثم ذكر ما أعده للمؤمنين من جنات تجري من تحتها الأنهار، على سنّته في ذكر وعده بعد وعيده.
ثم ضرب، في ترغيبهم وترهيبهم، مثلا لحال المؤمنين وحالهم، فشبّه الإيمان به جلّ شأنه، بشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وثمرها دائم لا ينقطع. وشبّه الكفر به بشجرة خبيثة ليس لها أصل ولا عرق ولا ثمر ورتّب على ذلك أن صاحب الحال الثابت، يثبّته الله في الدنيا وفي الآخرة، وصاحب الحال الذي لا ثبات له يضلّه الله فلا يهتدي.
ثم ذكر تبديلهم نعمته عليهم بسكنى حرمه كفرا به، وجعلهم له أندادا ليضلّوا عن سبيله وأمرهم أمر تهديد أن يتمتّعوا بنعيم الدنيا فإن مصيرهم إلى النار، وأمر المؤمنين أن يخالفوهم في ذلك فيقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقهم من قبل أن يأتيهم يوم لا ينفعهم فيه إلّا ما قدمت أيديهم ثم ذكر من نعمه العامة عليهم وعلى غيرهم بعد تلك النعمة الخاصة، أن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لهم، إلى غير هذا من نعمه التي لا تحصى ولا تعدّ، ولا