الآيات [١- ٦٢] قال الله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) .
فأقسم بهذا على أن النبي (ص) ما ضلّ وما ينطق عن الهوى، كما هو شأن الكاهن والمجنون والشاعر وإنما ينطق عن الوحي الذي ينزله عليه الملك جبريل ثم ذكر أن جبريل تارة ينزل إليه من السماء بالوحي، وتارة يصعد هو إليه بالسماء فيتلقاه منه، ويرى في ذلك ما يرى من آيات ربه الكبرى.
ثم انتقل السياق من هذا إلى إبطال ما يزعمونه من أن هذه الملائكة بنات الله، وكانوا يتخذون لها أصناما يعبدونها من اللات والعزّى ومناة، فذكر ما يتخذونه من هذه الأصنام الثلاثة، وأبطل أن يكون له منها بنات، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. وهم لا يرضون لأنفسهم إلا البنين، وذكر أن هذه مزاعم يقلّدون فيها آباءهم ولا دلهم عليها، ثم أبطل ما يتمنونه من شفاعتها لهم، وذكر جلّ وعلا أن كم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا بعد إذنه ورضاه.
ثم عاد السياق إلى تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من غير علم، فذكر أمر الله تعالى النبي (ص) أن يعرض عمّن يتولى بعد هذا عنه، لأنهم لا يريدون الحق وإنما يريدون الحياة الدنيا. ثم ذكر جل جلاله أن له ما في السماوات والأرض ليجزي المحسن والمسيء بعمله، فلا تنفع هناك شفاعة شفيع له.
وذكر سبحانه أن المحسنين هم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلّا اللمم، وأنه سيكون معهم واسع المغفرة ثم ذكر الذي تولى من المشركين واعتمد على ما يزعمه من شفاعة الملائكة له، فرد عليه بأنه لا علم عنده بذلك من الغيب، وبما ورد في صحف موسى وإبراهيم: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣٩) ، إلى غير هذا مما نقله عن هذه الصحف ثم ذكر أن ما يوحى إلى النبي (ص) نذير من تلك النّذر التي أنزلت قبله، وأن ما ينذر به قد قربت ساعته، وأنكر عليهم أن يعجبوا ويضحكوا ممّا ينذرهم به، ولا يبكوا وهم سامدون: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [الآية ٦٢] .