إن قيل: الضلال والغواية واحدة، فما الحكمة في قوله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) .
قلنا: قيل إن بينهما فرقا لأنّ الضلال ضدّ الهدى، والغيّ ضدّ الرّشد، وهما مختلفان مع تقاربهما. وقيل معناه: ما ضلّ في قوله ولا غوى في فعله، ولو ثبت اتحاد معناهما، لكان من باب التأكيد باللفظ المخالف، مع اتّحاد المعنى.
فإن قيل: لم قال تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) أدخل كلمة الشك، والشّكّ محال على الله تعالى؟
قلنا:«أو» هنا للتخيير لا للشّكّ، كأنّه قال سبحانه وتعالى: إن شئتم قدّروا ذلك القرب بقاب قوسين، وإن شئتم قدّروه بأدنى منهما. وقيل معناه:
بل أدنى. وقيل هو خطاب لهم بما هو معهود بينهم. وقيل هو تشكيك لهم لئلّا يعلموا قدر ذلك القرب، ونظيره قوله تعالى وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)[الصافات] والكلام فيهما واحد.