وذكر أنهم سيبعثون ويعرضون عليه سبحانه، فيسألهم: أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ [الآية ٣٠] فيقرّون به ولا ينكرونه، ويجازيهم على هذا بإذاقتهم عذاب النار ثمّ ذكر أنّهم قد خسروا بإنكارهم البعث، وأنهم سيندمون حين تأتيهم الساعة بغتة وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم، وما أسوأها من أوزار لهم: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢) .
ثم ذكر للنبي (ص) أنه يعلم أنه يحزنه الذي يقولون من أن ما أنزل عليه من أساطير الأولين وأنهم لا يكذبونه بهذا، وإنّما يكذبون الله، ويجحدون آياته، وأنه قد كذّب رسل من قبل، فصبروا على تكذيبهم حتى نصرهم الله عليهم وأنه إن كان كبر عليه إعراضهم واقتراحهم تلك الآيات، فليبتغ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فيأتيهم بها إن استطاع وأنه سبحانه، لو شاء لجمعهم على الهدى من غير آية من الآيات ثم نهاه أن يكون من الجاهلين، فيحزن لإعراضهم، أو يطمع في استجابتهم: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) .
شبهتهم الثانية على التوحيد والنبوة الآيات [٣٧- ٩٠]
ثم قال تعالى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) فذكر أنهم اقترحوا عليه بعد ذلك آية عذاب، وردّ عليهم بأنه قادر أن ينزل عليهم ذلك، ولكنه لا يريد أن يهلكهم لحكمة لا يعلمها أكثرهم ثم ذكر أنه ما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالهم، لينظروا في آياتها ويتركوا ما يقترحونه من ذلك تعنّتا ثم ذكر أن الذين يكذّبون بآياته في ذلك صمّ بكم، وأنه من يشأ يضلله فلا يهتدي بآية من الآيات، ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ثم ذكر لهم أن العذاب الذي يقترحونه لو أتاهم أو أتتهم الساعة، فإنّهم لا يدعون غيره ليكشفه عنهم، وينسون هنالك آلهتهم، فليؤمنوا به من غير أن يقترحوا ذلك العذاب الذي لا يدعون فيه غيره ثم ذكر أن أمما قبلهم اقترحوا على رسلهم مثل ذلك، ولم يؤمنوا به بعد إجابتهم إليه، فأمهلهم ومدّ لهم حبل الطغيان، ثم أخذهم بغتة فإذا هم مبلسون ثم ذكر أنه لو فعل بهم أكثر مما يقترحون