إن قيل: لأي سبب تركت كتابة البسملة في أول هذه السورة، بخلاف سائر السور؟
قلنا: لمّا تشابهت، هي والأنفال، واختلفت الصحابة في كونهما سورتين أو سورة واحدة، تركت بينهما فرجة، عملا بقول من قال هما سورتان وتركت البسملة بينهما، عملا بقول من قال هما سورة واحدة. وممّن قال بذلك قتادة رحمه الله. الثاني: أن اسم الله تعالى سلام وأمان، و «براءة» فيها قتل المشركين، ومحاربتهم، فلا يناسب كتابتها.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ [الآية ١٢] وخصّ الأمر بالقتال بأئمة الكفر، مع أنّ النكث والطّعن ليس مخصوصا بهم، بل هو مسند إلى جميع المشركين؟
قلنا المراد بأئمّة الكفر، رؤوس المشركين وقادتهم. وقيل كفّار مكة، لأنهم كانوا قدوة جميع العرب في الكفر فكأنّ النكث والطعن لم يوجد إلّا منهم، لمّا كانوا هم الأصل فيه، فلذلك خصّهم بالذكر.
فإن قيل: لم قال تعالى وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [الآية ٣٠] ونحن نسأل اليهود والنصارى عن ذلك فينكرونه ويجحدونه؟
قلنا: طائفة من اليهود، وطائفة من
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرخ.