إن قيل: لم قال تعالى: وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [الآية ٨] ثم قال سبحانه:
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) ؟
قلنا: معناه إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، فإن شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد (ص) . الثاني: إن كنتم مؤمنين بالميثاق الذي أخذه عليكم يوم أخرجكم من ظهر آدم (ع) . الثالث:
أن معناه: أيّ عذر لكم في ترك الإيمان، والرسول يدعوكم إليه، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبراهين والحجج، وقد ركّب الله تعالى فيكم العقول، ونصب لكم الأدلّة، ومكّنكم من النظر وأزاح عللكم، فما لكم لا تؤمنون إن كنتم مؤمنين بموجب مّا، فإن هذا الموجب لا مزيد عليه.
فإن قيل: لم قال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ [الآية ١٠] ، ولم يذكر مع من لا يستوي، والاستواء لا يكون إلا بذكر اثنين، كقوله تعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ [المائدة: ١٠٠] ولا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ [الحشر:
٢٠] ؟
قلنا: هو محذوف تقديره: ومن أنفق وقاتل من بعد الفتح، وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه.
فإن قيل: كيف يقال إن أعلى الدرجات بعد درجة الأنبياء درجة الصّدّيقين، والله تعالى قد حكم لكلّ مؤمن بكونه صدّيقا، بقوله تعالى:
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئله القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.