ومن ثمّ يتوسع السياق في الحديث عن مقومات عقيدة التوحيد، وفساد عقيدة الشرك، ومصير المشركين في يوم الدين، لأن التركيز متجه إليه، وتختصر السورة ما عدا ذلك مما يفصّل في سور أخرى.
[قصة نوح]
تستغرق قصة نوح (ع) الآيات [١٠٥- ١٢٢] ونلحظ أن القصص في سورة الشعراء لا يتّبع التسلسل التاريخي، فقد عرضت قصة موسى (ع) ، ثم قصة إبراهيم (ع) ، ثم قصة نوح (ع) . ولو أراد أن يتّبع التسلسل التاريخي لعرض قصة نوح أولا، ثم قصة إبراهيم، ثم قصة موسى.
لكنه، أي القصص، في هذه السورة، كان يذكر الأحدث ثم يرجع في الزمن من قصة إبراهيم إلى قصة نوح. لأن الخط التاريخي ليس هو المقصود هنا، بل المقصود هو العبرة من نهاية الشرك والتكذيب.
وقصة نوح، ومن قبلها قصة موسى وقصة إبراهيم، قد عرضت في سور شتى سابقة.
لكن الجانب الذي يعرضه من القصة يأتي مناسبا لسياق السورة، وللعظة والعبرة المقصودة منها.
وتعرض قصة نوح، غالبا في سلسلة من قصص عاد وثمود وقوم لوط وأهل مدين.
وأظهر ما في الحلقة المعروضة في سورة الشعراء هنا: دعوة نوح قومه إلى تقوى الله، وإعلانه أنه لا يطلب منهم أجرا على الهدى، وإباؤه أن يطرد المؤمنين الفقراء الذين يستنكف منهم الكبراء، وهذا ما كان يواجهه رسول الله (ص) في مكة سواء بسواء، ثم دعاؤه لربه أن يفتح بينه وبين قومه، واستجابة الله له بإغراق المكذّبين وإنجاء المؤمنين.
[قصة هود]
تستغرق قصة النبيّ هود (ع) الآيات [١٢٣- ١٤٠] وقبيلة عاد، وهم قوم هود، كانوا يسكنون الأحقاف وهي جبال رملية قرب حضرموت من ناحية اليمن. وقد جاءوا بعد قوم نوح، وكانوا ممن زاغت قلوبهم بعد فترة الطوفان، الذي طهّر الأرض من العصاة.