لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) ثم ذكر تعالى، أنّ إحدى ابنتيه طلبت منه أن يستأجره، لقوّته وأمانته، فأخبره بأنه يريد أن ينكحه إحدى ابنتيه، على أن يعمل له ثماني سنين، فإن أتمّها عشرا كان فضلا منه، فرضي موسى (ع) على أنه إذا قضى أحد الأجلين، لم يكن له أن يعتدي عليه بطلب الزيادة ثم ذكر سبحانه، أن موسى (ع) لما قضى الأجل، وسار بأهله إلى مصر، آنس نارا بجانب الطور حينما وصل إليه، فأمر أهله أن يمكثوا ليذهب إليها ثم ذكر أنه حين أتاها ناداه ربّه وأعطاه آيتين ليذهب بهما إلى فرعون وقومه، فذكر له موسى (ع) أنه قتل منهم نفسا، ويخاف أن يقتلوه بها، وطلب منه أن يرسل معه أخاه هارون، لأنه أفصح منه لسانا، فأرسل أخاه هارون معه، ووعده بالغلبة عليهم فلمّا جاءهم بآياته، زعموا أنها سحر مفترى، وأنهم لم يسمعوا ما يدعو إليه في آبائهم الأوّلين فذكر لهم أنّ ربّه أعلم بمن جاء بالهدى من عنده، ومن تكون له عاقبة الدنيا، فناداهم فرعون أنه لا يعلم لهم إلها غيره، وأمر هامان أن يوقد له على الطين، ويبني له صرحا لعلّه يطّلع إلى إله موسى، ليبيّن لهم- في زعمه- كذبه في دعواه أن له إلها غيره واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق، وظنّوا أنّهم لا يرجعون إليه تعالى فأخذهم، فأغرقهم في اليمّ، وجعلهم أئمّة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون: وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢) .
إثبات تنزيل القرآن الآيات [٤٣- ٨٨]
ثمّ قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) فذكر، سبحانه، أنه آتى موسى التوراة، من بعد أن أهلك القرون الأولى، من قوم فرعون وغير هم، وأن النبي (ص) لم يكن حاضرا، حينما ألقى إلى موسى وحي التوراة بالجانب الغربي من الطّور، وأنه لم يكن ثاويا في أهل مدين، حينما كان فيها موسى، وأنه لم يكن بجانب الطور إذ نودي موسى به ولكنّه سبحانه، هو الذي أوحى إليه بما لم يشاهده من ذلك كلّه، لينذر به قومه الذين لم يأتهم نذير من قبله، حتى لا