للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضروري أن يتبع ترتيب السور، فقد كانت الآية تنزل فتلحق بسورة سابقة أو لاحقة في النزول، إلّا أن هذا يحتاج الى ما يثبت هذا الترتيب، وليس في أسباب النزول ما يثبت أن آية يونس كانت بعد آية هود. والترتيب التحكمي في مثل هذا لا يجوز.

وقد حاول صاحب تفسير المنار، أن يجد لهذا العدد (عشر سور) علة فأجهد نفسه طويلا، ليقرّر أنّ المقصود بالتحدي هنا هو القصص القرآني، وأنه بالاستقراء يظهر أن السور التي كان قد نزل بها قصص مطوّل الى وقت نزول سورة هود كانت عشرا، فتحدّاهم بعشر سور «١» ، وهو احتمال وجيه.

ويرى بعض المفسرين المحدثين:

أنّ التحدي كان يلاحظ حالة القائلين وظروف القول، فيقول مرة: ائتوا بمثل هذا القرآن. او ائتوا بسورة. أو بعشر سور. دون ترتيب زمني، لأنّ الغرض كان التحدي في ذاته بالنسبة لأي شيء من هذا القرآن، لا بمقداره كله، أو بعضه، أو سورة منه على السواء، فالتحدّي كان بنوع هذا القرآن لا بمقداره، والعجز كان عن هذا النوع، لا عن المقدار. وعندئذ يستوي الكلّ والبعض والسورة. ولا يلزم ترتيب، إنما هو مقتضى الحالة التي يكون عليها المخاطبون، ونوع ما يقولون عن هذا القرآن في هذه الحالة. فهو الذي يجعل من المناسب ان يقول: «سورة» ، أو «عشر سور» ، أو «هذا القرآن» . ونحن اليوم، لا نملك تحديد الملابسات التي لم يذكرها لنا القرآن.

٣- القصص في سورة هود

القصص في هذه السورة هو قوامها، إذ عدد آياتها (١٢٣) مائة وثلاث وعشرون آية، يشتمل قصص الأنبياء منها على (٨٩) تسع وثمانين آية.

لكن القصص لم يجئ فيها مستقلا، بل جاء مصداقا للحقائق الكبرى التي جاءت السورة لتقريرها، وهي التوحيد والبعث والجزاء.

وقد جال السياق جولات متعددة حول هذه الحقائق: جال في ملكوت السماوات والأرض، وفي جنبات النفس، وفي ساحة الحشر، ثم أخذ


(١) . تفسير المنار ١٢/ ٣٢- ٤١.