إن قيل: ما الحكمة في وحي الله تعالى، إلى أم موسى (ع) ، بإرضاعه وهي ترضعه طبعا، سواء أأمرت بذلك أم لا؟
قلنا: أمرها بإرضاعه ليألف لبنها، فلا يقبل ثديا غيرها، بعد وقوعه في يد فرعون فلو لم يأمرها بإرضاعه، لكان من المتوقّع أن تسترضع له مرضعة، فيفوت ذلك المقصود.
فإن قيل: لم قال تعالى: فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي [الآية ٧] والشرط الواحد إذا تعلق به جزاءان صدّق مع كل واحد منهما وحده، فيؤول هذا إلى صدق قوله: فإذا خفت عليه فلا تخافي، وأنه يشبه التناقض. قلنا: معناه فإذا خفت عليه من القتل، فألقيه في اليمّ، ولا تخافي عليه من الغرق، ولا تناقض بينهما.
فإن قيل: ما الفرق بين الخوف والحزن حتى عطف أحدهما على الاخر، في قوله تعالى: وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي [الآية ٧] ؟
قلنا: الخوف غمّ يصيب الإنسان، لأمر يتوقّعه في المستقبل، والحزن غمّ يصيبه لأمر قد وقع ومضى.
فإن قيل: لم جعل موسى (ع) ، قتله القبطي الكافر من عمل الشيطان، وسمّى نفسه ظالما، واستغفر منه؟
قلنا: إنّما جعله من عمل الشيطان، لأنّه قتله قبل أن يؤذن له في قتله،
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.