إن قيل: لم قال تعالى: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الآية ٩] ، ولم يقل: إلى ما فوقهم وما تحتهم من السماء والأرض؟
قلنا: ما بين يدي الإنسان هو كلّ شيء يقع نظره عليه من غير أن يحوّل وجهه إليه، وما خلفه هو كلّ شيء لا يقع نظره عليه حتّى يحوّل وجهه إليه، فكان اللفظ المذكور أتمّ ممّا ذكر.
فإن قيل: لماذا لم يذكر سبحانه الأيمان والشمائل هنا، كما ذكرها في قوله تعالى: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ [الأعراف: ١٧] ؟
قلنا: لأنّه وجد هنا ما يغني عن ذكرها، وهو لفظ العموم، وذكر السماء والأرض، ولا كذلك ثمّة.
فإن قيل: كيف استجاز سليمان (ع) عمل التماثيل، وهي التصاوير؟
قلنا: قيل إن عمل الصورة لم يكن محرّما في شريعته، ويجوز أن تكون صور غير الحيوان كالأشجار ونحوها، وذلك غير محرّم في شريعتنا أيضا.
فإن قيل: لم قال تعالى: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ [الآية ١٥] ولم يقل آيتان جنّتان، وكل جنة كانت آية: أي علامة على توحيد الله تعالى؟
قلنا: لما تماثلتا في الدّلالة واتحدت جهتهما فيها، جعلتا آية
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.