فإن قيل: لم قال تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الآية ٢٢] ، أي الّذين زعمتموهم آلهة من دون الله، مع أنّ المشركين ما زعموا غير الله إلها دون الله، بل مع الله على وجه الشّركة؟
قلنا: النّص لا يدل على زعمهم حصر الالهة في غير الله نصّا بل يوهم ذلك، ولو دلّ فنقول: فيه تقديم وتأخير تقديره: ادعوا الّذين من دون الله زعمتم أنهم شركاء لله.
فإن قيل: ما معنى التشكيك في قوله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) ؟
قلنا: قيل إنّ (أو) هنا بمعنى الواو في الموضعين، فيصير المعنى: نحن على الهدى وأنتم في الضلال. وقيل معناه: وإنّا لضالّون أو مهتدون وإنّكم لكذلك، وهو من التعريض بضلالهم كما يقول الرّجل لصاحبه إذا أراد تكذيبه: والله إنّ أحدنا لكاذب، ويعني به صاحبه.
فإن قيل: لم قالت الملائكة (ع) في حق المشركين، كما ورد في التنزيل:
بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ [الآية ٤١] ولم ينقل عن أحد من المشركين أنّه عبد الجن؟
قلنا: معناه كانوا يطيعون الشياطين فيما يأمرونهم به من عبادتنا:
أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) : أي أكثر المشركين مصدّقون بالشياطين فيما يخبرونهم به من الكذب، أنّ الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك فالمراد بالجنّ الشياطين.