للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الأول أهداف سورة «الرحمن» «١»

سورة «الرحمن» سورة مدنية وآياتها ٧٨ آية، نزلت بعد سورة «الرعد» .

وتتميز سورة «الرحمن» بجرسها، وقصر آياتها، وتعاقب الآيات:

الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤) . فنسمع هذا الرنين الأخّاذ، والإيقاع الصاعد الذاهب الى بعيد، والنعم المتعدّدة بتعليم القرآن، وخلق الإنسان، وتعليم البيان.. وكلّ هذه النعم مصدرها رحمة الرحيم الرحمن، صاحب الفضل والإنعام فإذا استرسلنا في قراءة السورة رأينا حشدا من مظاهر النعم، وآلاء الله الباهرة الظاهرة، في جميل صنعه، وإبداع خلقه، وفي فيض نعمائه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتوجيه الخلائق كلّها الى وجهه الكريم ...

وسورة «الرحمن» ، إشهاد عام للوجود كلّه على الثّقلين: الإنس والجن، إشهاد في ساحة الوجود، على مشهد من كلّ موجود، مع تحدّ للجن والإنس إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرّر عقب بيان كلّ نعمة من نعمه، التي يعدّدها ويفصّلها، ويجعل الكون كلّه معرضا لها، وساحة الاخرة كذلك.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣) .

تكررت هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة، لتذكّر الإنس والجن، بنعم الله الجزيلة عليهم، بأسلوب معجز يتحدّى بلغاء العرب ولا شك


(١) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٩- ١٩٨٤.