للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «البقرة» «١»

لم قال تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ [الآية ٢] على سبيل الاستغراق، وكم ضال قد ارتاب فيه، ويؤيد ذلك قوله تعالى:

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [الآية ٢٣] .

قلنا: المراد أنّه ليس محلّا للرّيب، أو معناه: لا ريب فيه عند الله ورسوله والمؤمنين، أو هو نفي معناه النّهي:

أي لا ترتابوا في أنه من عند الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها [الحج: ٧] .

فإن قيل: لم قال تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) والمتّقون مهتدون فكأنّ فيه تحصيلا لحاصل؟

قلنا: إنّما صاروا متّقين بما استفادوا من الهدى، أو أراد أنه ثبات لهم على الهدى وزيادة فيه، أو خصّهم بالذكر لأنّهم هم الفائزون بمنافعه حيث قبلوه واتّبعوه، كقوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) [النازعات] أو أراد الفريقين من يتّقي ومن لم يتّق، واقتصر على أحدهما، كقوله تعالى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل: ٨١] .

فإن قيل: المخادعة إنّما تتصوّر في حق من تخفى عليه الأمور ليتحقّق الخداع في حقّه يقال: خدعه إذا أراد به المكروه من حيث لا يعلم، والله تعالى لا يخفى عليه شيء فلم قال سبحانه يُخادِعُونَ اللَّهَ [الآية ٩] ؟

قلنا معناه يخادعون رسول الله، كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ [الفتح: ١٠] وقوله تعالى:


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، المؤلف: محمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.