ثم ذكر للمؤمنين أنهم سيختبرون في أموالهم وأنفسهم بالجهاد بعد أحد، وأنهم سيسمعون من أهل الكتاب والمنافقين أذى كثيرا كما سمعوا في هذه الغزوة، وأنهم، إذا صبروا على ذلك وداروهم، فإن ذلك من عزم الأمور، وصواب التدبير. ثم ذكر لأهل الكتاب أنه قد أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا ما عندهم من البشارات بالنبي المنتظر، ثم نهى النبيّ (ص) أن يحسب الذين يفرحون منهم بما أوتوا من التلبيس والكيد للمسلمين ويحبون مع هذا أن يحمدوهم بمفازة من عذاب الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) .
الخاتمة الآيات [١٩٠- ٢٠٠]
ثم قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) . فختم السورة بالتنويه بالمؤمنين بعد أن انتهى من المعاندين من أهل الكتاب والمنافقين، فذكر أن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب من المؤمنين. وهم الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، إلى غير هذا مما ذكره من أفعالهم وأقوالهم. ثم ذكر ما وعدهم به أن يكفّر عنهم سيئاتهم، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عنده، وذكر ما أوعد به أولئك الكافرين على غرورهم بدنياهم وترك التفكر في آياته، وأنهم يتمتعون بذلك قليلا ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد. ثم عاد إلى وعد المؤمنين فذكر أن لهم من تلك الجنات نعيما خالدا لا يزول، وذكر أن من أهل الكتاب الذين لم يقعوا في ذلك الغرور من هو مثل أولئك المؤمنين في إيمانهم وخشوعهم، وأن لهم أيضا أجرهم في آخرتهم، ثم ختم ذلك بأمر المؤمنين بالصبر على ما بيّنه من الأذى في هذه السورة فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) .