إن قيل: لم قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الآية ١] ، والمراد به نهيهم أن يتقدّموا على رسول الله (ص) بقول أو فعل، لا أن يقدّموا غيرهم.
قلنا:«قدّم» هنا لازم بمعنى «تقدّم» ، كما في قولهم: بيّن وتبيّن، وفكّر وتفكّر، ووقّف وتوقّف، ومنه قول الشاعر:
إذا نحن سرنا سارت الناس خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا
أي توقفوا، وقيل معناه: لا تقدّموا فعلا قبل أمر رسول الله (ص) .
فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ [الآية ٢] بعد قوله سبحانه: لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الآية ٢] .
قلنا: فائدته تحريم الجهر في مخاطبته (ص) باسمه نحو قولهم يا محمد، ويا أحمد، فهو أمر لهم بتوقيره وتعظيمه (ص) في المخاطبة.
وأن يقولوا يا رسول الله، ويا نبي الله، ونحو ذلك، ونظيره قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور/ ٦٣] .
فإن قيل: لم قال تعالى: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ [الآية ٢] أي مخافة أن تحبط
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.