والبعث، وهذا الموضوع تكرّر عرضه في سور سابقة ولاحقة.
ولكنه يعرض في كل مرة بطريقة جديدة. وفي ضوء جديد. ويتناول عرضه مؤثرات وموحيات ذات إيقاع جديد وإيحاء جديد.
تطوف سورة الرعد بالقلب البشري في مجالات وآفاق وآماد وأعماق، وتعرض عليه الكون كله في شتّى مجالاته الأخاذة: في السموات المرفوعة بغير عمد وفي الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمّى وفي الليل يغشاه النهار وفي الأرض الممدودة وما فيها من رواس ثابتة وأنهار جارية، وجنات وزرع ونخيل مختلف الأشكال والطعوم والألوان، ينبت في قطع من الأرض متجاورات، ويسقى بماء واحد وفي البرق يخيف ويطمع والرعد يسبّح ويحمد والملائكة تخاف وتخشع والصواعق يصيب بها من يشاء والسحاب الثّقال والمطر في الوديان والزّبد الذي يذهب جفاء، ليبقى في الأرض ما ينفع الناس.
وهي تلاحق ذلك القلب أينما توجّه: تلاحقه بعلم الله النافذ الكاشف الشامل، يحيط بالشارد والوارد والمستخفي والسارب، ويتعقب كلّ حي ويحصي عليه الخواطر والخوالج.
والغيب المكنون الذي لا تدركه الظنون مكشوف لعلم الله، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد، وكل شيء عنده بمقدار.
إنها تقرّب لمدارك البشر شيئا من حقيقة القوة الكبرى، المحيطة بالكون ظاهره وخافية، جليله ودقيقه، حاضره وغيبه. وهذا القدر الذي يمكن لمدارك البشر تصوّره هائل مخيف، ترتجف له القلوب.
وذلك إلى الأمثال المصوّرة، تتمثل في مشاهد حية، حافلة بالحركة والانفعال، الى مشاهد القيامة، وصور النعيم والعذاب، وخلجات الأنفس في هذا وذاك، إلى وقفات على مصارع الغابرين، وتأملات في سير الراحلين، وفي سنة الله التي مشت عليهم، فإذا هم داثرون.
[مشاهد الكون في سورة الرعد]
تبدأ سورة الرعد بقضية عامة من قضايا العقيدة: قضية الوحي بهذا