تطيق روحه الإسراء والمعراج، والذي ينادى من السماء، والذي يرى نور ربّه، والذي تتصل حقيقته بحقيقة كلّ شيء في الوجود من وراء الأشكال والظواهر، فيسلم عليه الحصى والحجر، ويحنّ له الجذع، ويرتجف به جبل أحد ثمّ تتوازن في شخصيته هذه الطاقات كلّها، فإذا هي التوازن المقابل لتوازن العقيدة التي اختير لها» .
[مع السورة]
١: حرّم النبي (ص) مارية القبطية على نفسه، أو حرم العسل على نفسه، مرضاة لزوجاته وتنزّل وحي السماء، يفيد أنّ ما أحلّه الله لا ينبغي أن يحرّمه الإنسان.
٢: أباح الله للإنسان إذا حرّم حلالا أو أقسم على يمين ورأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ثم يكفّر عن يمينه.
٣: أخبر النبي (ص) حفصة بتحريم مارية، وأنّ أبا بكر وعمر يليان أمر هذه الأمة من بعده، وأمرها أن تكتم ذلك، ولكنّها لم تكتمه، وأخبرت به عائشة، وعلم النبيّ بذلك، فلام حفصة على إفشاء سرّه، وأخبرها أنّه لم يعلم هذا السر من عائشة، ولكن من العليم الخبير.
٤: أدّبت السورة عائشة وحفصة، وبيّنت أنّ التامر وإفشاء السر مؤلم للنبي، ومقلق لهذا القلب الكبير وهذا أمر يستحقّ التوبة والإنابة ثمّ بيّنت أنّ إيلام النبيّ أمر كريه، وسيرتدّ الكيد على صاحبه، لأنّ النبيّ معه قوة غالبة يكفي أنّ معه الله والملائكة وصالح المؤمنين.
٥: هدّد الله نساء النبيّ بالطلاق، وبأن يعوّضه الله منهنّ بنساءهنّ المثل العليا في القنوت والعبادة والتوبة والجمال وقد أثمر هذا التهديد ثمرته، فعادت نساؤه إلى الطاعة والخضوع، واستأنف النبيّ حياته متفرّغا لرسالته، وتبليغ دعوته ومرضاة ربّه، قرير العين في بيته ومع أسرته.
والآيات ترسم صورة من الحياة البيتية لهذا الرجل الذي كان ينهض بإنشاء أمّة، وإقامة دولة، على غير مثال معروف، وعلى غير نسق مسبوق، أمة تنهض بحمل أمانة العقيدة الإلهية في صورتها الأخيرة، وتنشئ في الأرض مجتمعا ربّانيّا في صورة واقعية يتأسّى بها الناس.