للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفجر» «١»

إن قيل: لم نكّرت الليالي العشر دون سائر ما أقسم به الله تعالى، ولم لم تعرّف بلام العهد وهي ليال معلومة فإنّها ليالي عشر ذي الحجّة في قول الجمهور؟

قلنا: لأنّها مخصوصة من بين جنس الليالي العشر بفضيلة ليست لغيرها، فلم يجمع بينها وبين غيرها بلام الجنس، وإنما لم تعرّف بلام العهد لأنّ التنكير أدلّ على التفخيم والتعظيم، بدليل قوله تعالى: فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الحج/ ٣٤] ونظيره قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) [البلد] بالتعريف، ثم قال تعالى: وَوالِدٍ بالتنكير، والمراد به آدم وإبراهيم أو محمد صلى الله عليهم أجمعين، ولأنّ الأحسن أن تكون اللّامات كلّها متجانسة، ليكون الكلام أبعد من الإلغاز والتعمية، وهي في الباقي للجنس.

فإن قيل: لم ذم الله تعالى الإنسان على قوله: رَبِّي أَكْرَمَنِ [الآية ١٥] مع أنه صادق فيما قال، لأن الله تعالى أكرمه بدليل قوله تعالى فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ [الآية ١٥] ثم إنّ هذا تحدّث بالنعمة، وهو مأمور به؟

قلنا: المراد به أن يقول ذلك مفتخرا على غيره، متطاولا به عليه، معتقدا استحقاق ذلك على ربّه، كما في قوله تعالى: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.