وكان ابن أبيّ قد طلب من بعض الأنصار أن يمسكوا نفقتهم ومساعدتهم عن المهاجرين، حتّى ينفضّوا عن النبيّ الكريم، فذكر القرآن أنّ خزائن الله عامرة، وخيره لا ينفد، وهو الرزّاق ذو القوّة المتين [الآية ٧] .
وكان ابن أبيّ يبيّت كيدا مع أتباعه، ويتوعّد بأن يخرج النبيّ من المدينة ذليلا فبيّن الله سبحانه أنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين بالإيمان، وبمساعدة الرحمن، وبعون الله القويّ المتين ولكنّ المنافقين لا يفقهون هذه المعاني الكريمة [الآية ٨] .
أمّا المقطع الأخير في السورة، ويشمل الآيات [٩- ١١] ، فإنّه يتوجّه إلى المؤمنين بالنداء ألّا تشغلهم أموالهم ولا أولادهم عن تذكّر ربهم، والقيام بحقّه، جلّ وعلا، ومرضاته، وتأمرهم بالصدقة والزكاة وعمل الخير، فالله باعث الرزق، وله الحمد في الأولى والاخرة. فأنفق أيّها الإنسان وأنت صحيح ولا تمهل، حتّى إذا بلغت الروح الحلقوم تمنيت العودة للدنيا، لإخراج الصدقة وعمل الصالحات ولكن الأجل إذا جاء لا يتأخّر لحظة، بل يساق الإنسان الى الخبير العليم، جزاء ما قدّم.
وهكذا تختم السورة بهذه الدعوة إلى الإخلاص لله سبحانه، وامتثال أوامره، فهو، جلّت قدرته، مطّلع وشاهد، وهو الحكيم العادل.
[المعنى الاجمالي للسورة]
قال الفيروزآبادي: معظم مقصود السورة: تقريع المنافقين وتبكيتهم، وبيان ذلّهم وكذبهم، وذكر تشريف المؤمنين وتبجيلهم، وبيان عزّهم وشرفهم، والنهي عن نسيان ذكر الحقّ تعالى، والغفلة عنه، والإخبار عن ندامة الكفّار بعد الموت، وبيان أنه لا تأخير ولا إمهال بعد حلول الأجل، في قوله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١) .