إن قيل: الخلاف بين النبي (ص) ومنكري البعث إنما كان في الحياة بعد الموت لا في الموت، فلم قال تبارك وتعالى: إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى، ولم يقل إلا حياتنا، كما قال تعالى في موضع آخر: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا [المؤمنون/ ٣٧] وما معنى وصف الموتة بالأولى، كأنهم وعدوا موتة أخرى، حتى نفوها وجحدوها وأثبتوا الموتة الأولى؟
قلنا: لمّا وعدوا موتة تكون بعدها حياة نفوا ذلك، كأنهم قالوا: لا تقع في الوجود موتة تكون بعدها حياة، إلّا ما كنا فيه من موتة العدم، وبعثنا منه الى حياة الوجود. وقيل إنهم نفوا بذلك الموتة الثانية في القبر، بعد إحيائهم لسؤال منكر ونكير.
فإن قيل لم قال تعالى: ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) والعذاب لا يصب، وإنما يصب الحميم، كما في قوله تعالى في موضع آخر: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩)[الحج] ؟