للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الرّعد» «١»

إن قيل: لم قال تعالى: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) ولم يقل ومن هو سارب بالنهار، ليتناول معنى الاستواء المستخفي والسّارب، وإلّا فقد تناول واحدا هو مستخف وسارب: أي ظاهر، وليتناسب لفظ الجملة الأولى والثانية، فإنه قال في الجملة الأولى مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ [الآية ١٠] .

قلنا: قوله تعالى: وَسارِبٌ معطوف على وَمَنْ لا على مستخف، فيتناول معنى الاستواء اثنين. الثاني: أنه وإن كان معطوفا على مستخف، إلا أن (من) هنا في معنى التثنية كقوله:

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

فكأن المعنى: سواء منكم اثنان:

مستخف بالليل، وسارب بالنهار.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (١٤) أي في ضياع وبطلان، والكفّار يدعون الله تعالى في وقت الشدائد والأهوال، ومشارفتهم الغرق في البحر، فيستجيب لهم؟

قلنا: المراد: وما عبادة الكافرين الأصنام إلّا في ضلال، ويعضده قوله تعالى قبله في الآية نفسها: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ أي يعبدون.

فإن قيل: كيف طابق قولهم كما ورد في التنزيل لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ [يونس/ ٢٠] قوله سبحانه: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) .


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.