من دسائس المنافقين، وحيل المبطلين وخداع اليهود والمشركين، وتذكّرهم أن يظلوا إخوة معتصمين بحبل الله متحدين برباط الأخوّة والمودة، متضامنين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تدوم لهم وحدتهم وتستقر دولتهم، قال تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وقال سبحانه:
هذا القرآن هو كتاب الدعوة الإسلامية، هو روحها وباعثها، هو قوامها وكيانها، هو حارسها وراعيها، هو بيانها وترجمانها، هو دستورها ومنهجها، هو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة، كما يستمد منه الدعاة، وسائل العمل ومناهج الحركة وزاد الطريق..
ولكن ستظل هنالك فجوة عميقة بيننا وبين القرآن ما لم نتمثل في حسّنا، ونستحضر في تصورنا، أن هذا القرآن، خوطبت به أمة حية، ذات وجود حقيقي، ووجهت به أحداث واقعية في حياة هذه الأمة، ووجهت به حياة إنسانية حقيقية في هذه الأرض، وأديرت به معركة ضخمة في داخل النفس البشرية، وفي رقعة من الأرض كذلك، معركة تموج بالتطورات والانفعالات والاستجابة.
وسيظل هنالك حاجز سميك بين قلوبنا وبين القرآن، ما دمنا نتلوه أو نسمعه كأنه مجرد تراتيل تعبدية مهوّمة، لا علاقة لها بواقعيات الحياة البشرية اليومية التي تواجه الإنسان والتي تواجه الأمة الإسلامية، في حين أن هذه الآيات قد نزلت لتواجه نفوسا ووقائع وأحداثا حية، ذات وجود واقعي حي، ووجهت بالفعل تلك النفوس والوقائع والأحداث توجيها واقعيا حيا نشأ عنه وجود ذو خصائص في حياة (الإنسان) بصفة عامة، وفي حياة الأمة الإسلامية بوجه خاص.