ثم ذكر أنه يقصّ عليه ذلك ليكون عظة له ولقومه وأنه أنزل القرآن بمثل ذلك ليذكّرهم به، وانتقل السياق من ذلك إلى تهديد من يعرض عن سبيله تعالى بما هدّده به من العقاب الذي يثقل حمله عليهم، ومن حشرهم زرقا يوم ينفخ في الصّور، فيقومون من قبورهم، ويتساءلون بينهم عن مدة لبثهم قبل قيامهم، فيذكر بعضهم أنهم لم يلبثوا إلّا عشرة أيام ويذكر بعضهم أنهم لم يلبثوا إلّا يوما لأنّ شدة الأهوال، تنسيهم مدة لبثهم ثم ذكر أن الجبال تنسف بعد النفخ في الصّور، وأنّ الأرض تكون ملساء مستوية لا نبات فيها، وأنهم يدعون إلى الحشر فيسير الداعي بهم لا يعرّج هنا أو هناك، فإذا وقفوا للحساب خشعت الأصوات للرحمن، فلا يشفع عنده إلّا من أذن له ورضي قوله. ثم ذكر سبحانه أن وجوههم تعنو له جلّ جلاله وتخضع لحكمه، فيحرم من الثواب من حمل ظلما في الدنيا، وينال من عمل صالحا ثوابه، ولا يخاف ظلما ولا هضما، ثم ذكر أنه أنزل القرآن، وكرّر فيه هذا الوعيد، لعلهم يتّقون، أو يحدث لهم ذكرا: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤) .
قصة آدم الآيات [١١٥- ١٢٧]
ثم قال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥) فذكر سبحانه أنه عهد إلى آدم في الجنّة ألا يأكل من الشجرة فضاق صدره بذلك التكليف، وضعف عن تحمّله، فعوقب على ذلك بالخروج من الجنّة، وقد أتى السياق بذلك من أول الأمر، ليدل على موضع العبرة من ذكر قصة آدم ثم ذكر تفصيل ذلك من أمر الملائكة بالسجود له جلّ جلاله، وأنهم أطاعوه فسجدوا إلّا إبليس أبى، إلى أن ذكر ما كان من أمر آدم وحوّاء بالهبوط من الجنّة، وعهده إليهما وإلى ذرّيتهما، أنه إذا أتاهم منه هدّى فمن اتّبعه فلا يضلّ ولا يشقى، ومن أعرض عنه فإنّه يقضي دنياه في ضنك وشدّة لأنّ الكفر لا اطمئنان معه، ثم يكون حاله في الاخرة أسوأ من الدنيا، ويحشر فيها أعمى فإذا سأل ربّه لم حشره أعمى وقد كان بصيرا، أجابه بأنه كذلك أتته آياته فنسيها وكذلك