امرأته أنّها عليه كظهر أمه، فتحرّم عليه حرمة أمه ويقرّر أن هذا الكلام يقال بالأفواه، ولا ينشئ حقيقة وراءه، بل تظل الزوجة زوجة ولا تصير أمّا بهذا الكلام. ثم من هذا إلى إبطال التبني:
والدعي هو المتبنّى يدّعي الإنسان بنوّته، وهو لا يصير ابنا بمجرّد القول، ثمّ يأمرهم أن يدعوا المتبنّى إلى أبيه، فإن ذلك أقسط وأعدل من دعوتهم لمن يتبنّونهم.
ثمّ ينشئ الولاية العامّة للرسول (ص) على المؤمنين جميعا، كما ينشئ صلة الأمومة الشعوريّة، بين أزواج النبي (ص) والمؤمنين ويعقّب على هذا التنظيم الجديد، بالإشارة إلى أنّ ذلك مسطور في كتاب الله القديم، وإلى الميثاق المأخوذ على النبيّين وعلى أولي العزم منهم بصفة خاصة، على طريقة القرآن في التعقيب على النظم والتشريعات والمبادئ والتوجيهات، لتستقرّ في الضمائر والنفوس ويستغرق هذا الفصل من أول السورة إلى الآية ٨.
[غزوة الأحزاب وبني قريظة]
نجد الفصل الثاني من السورة ممتدّا من الآية ٩ إلى الآية ٢٧، ويتناول هذا الفصل غزوة الأحزاب، ويصف مشاهدها وملابساتها، ويصوّر أحوال المسلمين فيها، وقد جاءتهم قريش من أسفل الوادي، وغطفان من أعلاه وأسقط في يد المسلمين: فالأحزاب أمام المدينة، ويهود بني قريظة نقضوا عهودهم، وأظهروا الخيانة والغدر للمسلمين وحفر المسلمون خندقا لحماية المدينة، وكان المسلمون غاية في الإجهاد والعسرة المادية، واشتدت الفتن، وفي وسط هذه المحن بشّر النبي (ص) المؤمنين بالنصر، ووعدهم كنوز كسرى وقيصر وظهر النفاق من بعض المنافقين فقالوا: إنّ محمّدا يعدنا كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يستطيع الخروج إلى الخلاء وحده وفي ذلك يقول القرآن: