أحدهما: تحديد القانون الأساسي الذي تشاد عليه دولة الإسلام. وذلك بالتصفية النهائية بين المسلمين ومشركي العرب، بإلغاء معاهدتهم، ومنعهم من الحج، وتأكيد قطع الولاية بينهم وبين المسلمين، وبوضع الأساس في قبول بقاء أهل الكتاب في جزيرة العرب، وإباحة التعامل معهم.
ثانيهما: إظهار ما كانت عليه نفوس أتباع النبي (ص) حينما استنفرهم ودعاهم إلى غزو الروم، وفي هذه الدائرة تحدّثت السورة عن المتثاقلين منهم، والمتخلّفين والمبطئين وكشفت الغطاء عن فتن المنافقين، وما انطوت عليه قلوبهم من أحقاد، وما قاموا به من أساليب النفاق.
وقد عرضت السورة من أوّلها للهدف الأول. واستغرق ذلك سبعا وثلاثين آية في أول السورة، وقد تضمنت هذه الآيات ما يأتي:
(أوّلا) تقرير البراءة من المشركين، ورفع العصمة عن أنفسهم وأموالهم.
(ثانيا) منحهم هدنة، مقدارها أربعة شهور.
(ثالثا) إعلام الناس جميعا، يوم الحج الأكبر (وهو يوم عيد الأضحى) بهذه البراءة.
(رابعا) إتمام مدة العهد، لمن حافظ منهم على العهد.
(خامسا) بيان ما يعاملون به، بعد انتهاء أمد الهدنة، أو مدة العهد.
(سادسا) تأمين المستجير حتى يسمع كلام الله.
(سابعا) بيان الأسباب التي أوجبت البراءة منهم، وصدور الأمر بقتالهم.
(ثامنا) إزالة وساوس قد يخطر في بعض النفوس، أنها تبرّر مسالمة المشركين، أو الإبقاء على عهودهم.
[رحمة الله بالعباد]
لقد برئ الله من المشركين ومن فعالهم، لأنّ الشرك والكفر ظلم عظيم، وجحود بحق الله الخالق الرازق، الذي يستحق العبادة وحده، لكن الله سبحانه أمهل المشركين مدة أربعة أشهر، لتمكينهم من النظر والتدبير، لاختيار ما يرون فيه مصلحتهم، من الدخول في الإسلام، أو الاستمرار على العداء.