إن قيل: بأي شيء تتعلق اللام في قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) ؟
قلنا: قيل إنها متعلّقة باخر السورة التي قبلها: أي فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش والمعنى أنه أهلك أصحاب الفيل الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيهابوهم ويحترموهم، فينتظم لهم الأمر في رحلتهم ولا يجترئ أحد عليهم. وقيل معناه أهلكهم لتألف قريش رحلة الشتاء والصيف بهلاك من كان يخيفهم ويمنعهم. وقيل إنها متعلقة بما بعدها، وهو قوله تعالى: لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
(٣) لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، معناه أنّ نعم الله تعالى عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الظاهرة.
وقيل هي لام التعجب معناه أعجبوا لإيلاف قريش وذلك نظير اللّام التي ابتدأ بها أبو العلاء المعري بيتا من اللزوميات وعلّقها بمقدّر. يقول في هذا البيت:
لأمواه الشبيبة كيف غضنه وروضات الصّبا في اليبس إضنه أي: أعجب لأمواه الشبيبة ...
وكانت لقريش في كل سنة رحلتان للتجارة التي بها معاشهم، رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام. ثم قيل الإيلاف هنا مصدر بمعنى الإلف، تقول: آلفته إيلافا بالمد، كما تقول: ألفته إلفا بالقصر
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.