نزلت سورة التوبة بعد سورة المائدة، وكان نزولها في ذي القعدة أو ذي الحجّة من السنة التاسعة للهجرة، وكان النبي (ص) أرسل أبا بكر في أخريات ذي القعدة ليحجّ بالناس، فنزلت هذه السورة بعد سفره، وفيها نبذ العهود للمشركين جميعهم الذين لم يفوا بعهودهم، فأرسل بها عليّا ليبلّغها إلى الناس في يوم الحج الأكبر، فلحق أبا بكر في الطريق، ثم أبلغها الناس في ذلك اليوم، ثم نادى: لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. فتكون سورة التوبة، من السور التي نزلت بين غزوة تبوك ووفاة النبي (ص) .
وقد سميت هذه السورة باسم التوبة، لأنه ذكر في الآيتين: ١١٧ و ١١٨، توبة الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتّبعوه في ساعة العسرة، بعد ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ [الآية ١١٧] ، وعلى الثلاثة الذين خلّفوا في غزوة تبوك، وتبلغ آياتها تسعا وعشرين ومائة آية.
[الغرض منها وترتيبها]
نزلت هذه السورة لتحديد علاقة المسلمين بأعدائهم في آخر عهد النبوّة، وكان أعداؤهم على ثلاثة أقسام: أوّلها مشركو العرب، وقد نبذت في هذه السورة عهود الذين لم يفوا بعهودهم منهم، وأمهلوا فيها أربعة
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي، مكتبة الآداب بالجمايز- المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة، القاهرة، غير مؤرّخ.