أرني كيف تحيي الموتى؟ فأراه ذلك وتولّاه فزاده إيمانا على إيمانه.
ثم عاد السياق إلى الترغيب في إنفاق المال في سبيل الله ليفصّل تلك الأضعاف الكثيرة التي ذكرت في الطريق الأول، ويضرب سبحانه لذلك مثل الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، ويبيّن ما يجب في ذلك من ترك المنّ والأذى، لأنّهما يبطلان ثوابه عنده، ومن اختيار الطيبات للإنفاق، فينفق كل شخص من طيبات كسبه، ولا يسمع للشيطان الذي يخوفه من الفقر فيحسن له الإنفاق من الخبيث، بل يسمع لله الذي يعدّه مغفرة منه.
ثم أخذ في الكلام على الربا لأنّه هو الذي يربي في النفس الشحّ بالإنفاق، وذلك لأنه يزيد في المال، والإنفاق ينقص منه، فقبّح حال الذين يأكلون الربا، وهددهم عليه أقوى تهديد، وذكر أنه يمحق المال الذي يدخله الربا، ويربي المال الذي يدخله الإنفاق والصدقات، وأنّه لا يحب من يأكل الربا من كل كفّار أثيم وأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الإنفاق وغيره لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ثم أمر الذين كانوا يتعاطون الربا قبل تحريمه أن يتركوا ما بقي منه، وآذنهم بحربه إن لم يفعلوا ما أمرهم به، وإذا تابوا فليس لهم إلّا رؤوس أموالهم، وإذا أعسر لها المدين أمهل إلى أن تتيسّر له، والتصدق بها خير لهم لو كانوا يعلمون.
ثم أحلّ لهم السلم ليجدوا منه وسيلة للحصول على ما يحتاجون إليه من المال بدل الربا، وأمرهم إذا تداينوا بدين أن يكتبوه ويشهدوا عليه، وإن كانوا على سفر ولم يجدوا كاتبا فرهان مقبوضة، ثم نهاهم عن كتمان الشهادة في ذلك، وأخبرهم بأنّه يعلم ما يفعلونه فيها، وهو الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وإن يبدوا ما في أنفسهم أو يخفوه يحاسبهم به:
ثم قال تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ (٢٨٥) ، فختم السورة بذكر إيمان الرسول والمؤمنين بالقرآن والملائكة وغيرهم