أقول: ويحسن بي أن أقف وقفة طويلة على: آنَسْتُ فأقول: هي من مادة «الأنس» .
وآنس الشيء: أحسّه. وآنس الشخص واستأنسه: رآه وأبصره.
وأنست بفلان: فرحت به.
وفي التنزيل العزيز: آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً [القصص: ٢٩] يعني أبصر.
واستأنست: استعلمت. والاستئناس في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها [النور: ٢٧] .
قال الفراء: هذا مقدّم ومؤخّر، إنّما هو حتى تسلّموا وتستأنسوا ...
وقال الزجاج: معنى تستأنسوا تستأذنوا.
أقول: وجميع معاني «أنس» من الأفعال والمصادر تتصل ب «الأنس» الذي هو جملة هذه المعاني من الإبصار والاستعلام والفرح والاستئذان، فلا بد من أن نجد لها أصلا في أنّ الإنسان يألف أخاه الإنسان بطبعه، فإذا اتصل به وألفه استلّ منه فعلا لهذه الحالة المعنوية من مادة «إنس» ، أي: الإنسان، والإنس
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، غير مؤرّخ.